حضر الرضيع وسادت البهجة الأرجاء، وبدأت السعادة الحقيقية مع الرضاعة، ولم يعكر صفو هذا الحدث إلا نقص الخبرة بكيفية زيادة إدرار الحليب عند المرضعة.
تواجه عديد من الأمهات بعض المتاعب والقلق في أثناء الرضاعة الطبيعية.
إذ تتساءل هل ينتج جسدي الحليب الكافي لسد احتياجات رضيعي؟ هل حليبي مشبع؟ وغيرها من التساؤلات.
سنجيب في هذا المقال على هذه المخاوف، خاصةً كيفية زيادة إدرار الحليب عند المرضعة، لتقليل التوتر الناجم عن نقص خبرة الأمهات والمساعدة في الاستمتاع بالرحلة.
الرضاعة الطبيعية
يوفر حليب الأم التغذية المثالية للرضيع؛ لاحتوائه على كل ما يلزم لنمو الطفل من فيتامينات وبروتينات ودهون وأجسام مضادة.
تتراوح عدد مرات الرضاعة في حديثي الولادة بين 2 إلى 3 ساعات، بينما تزيد 3 إلى 4 ساعات بحلول الشهرين، وتصل 4 إلى 5 ساعات بحلول الستة أشهر.
أثبتت الدراسات أن نسب الإصابة بالربو والحساسية والتهاب الأذن الوسطى وأمراض الجهاز التنفسي تقل لدى الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية فقط خلال الستة أشهر الأولى.
حليب الثدي
مثلما تستعد الأسرة كاملةً لاستقبال المولود الجديد، يستعد جسد الأم كذلك لاستقباله، ففي أثناء الحمل يتأهب الجسم لإنتاج الحليب.
يتسبب هرموني الإستروجين والبروجستيرون في نمو القنوات اللبنية وزيادة عددها.
لذلك يزداد الثدي في الحجم وتدفق الدم الوارد له، كذلك تكبر الحلمات والهالة وتصبح بلونٍ أغمق.
بحلول الثلث الثاني من الحمل، يُنتج أول لبن في الثدي ويسمى اللبأ أو لبن السرسوب (colostrum milk).
تبدأ الأم بملاحظة قطرات بيضاء أو شفافة على الحلمات، ثم يتغير لون حليب الثدي وتركيبه و كميته ليناسب الرضيع.
ينتج الجسم لبن السرسوب بكمية صغيرة لكنها مركزة ومغذية، وقد يكون شفافًا خفيفًا أو أصفر مائلًا للبرتقالي.
يبدأ الحليب في التغير تدريجيًا من الأصفر إلى الأبيض خلال أسبوعين بعد الولادة فيما يُعرف بالحليب الانتقالي.
تأتي بعد ذلك مرحلة الحليب الناضج، فيتغير فيها شكل الحليب بناءً على نسبة الدهون الموجودة به.
كذلك يتغير لون الحليب في جلسة الرضاعة؛ إذ يبدأ الحليب الابتدائي في النزول ويكون خفيف وغير مشبع بالدهون.
بعد ذلك يزداد محتوى الدهون تدريجيًا ويصبح الحليب كريمي ويسمى بالحليب المؤخَر.
أسباب نقص إدرار الحليب
تساور الأمهات كثير من المخاوف حول ما إذ كان جسدها ينتج القدر الكافي من الحليب أم لا؟
لكن لا يوجد مقياس واضح لمعرفة كمية الحليب الداخلة للطفل.
لذلك يُعد متابعة وزن الطفل الحل الأمثل لمعرفة ما إذا حصل الطفل على الكمية المناسبة أم لا.
كذلك توجد بعض العلامات التي تدل على شبع الرضيع، ومنها:
- عدم إحساس الأم بالألم في أثناء الرضاعة.
- تناول الطفل من 8 إلى 12 رضعة خلال 24 ساعة.
- تشعر الأم بفراغ الثدي بعد كل رضعة.
- مشاهدة الطفل وهو يبتلع في أثناء الرضاعة.
- رغبة الطفل بترك الثدي من فمه بمفرده بعد الانتهاء من الرضاعة.
- تبول الطفل ثماني مرات خلال 24 ساعة.
كذلك لا تدل هذه العلامات على انخفاض إدرار الحليب حتى لو شعرت الأم بذلك:
- صعوبة الرضاعة في المساء.
- نقص مدة جلسة الرضاعة.
- زيادة عدد مرات الرضاعة.
- عدم حدوث تسرب للحليب من الثدي.
- وجود كمية قليلة من الحليب في أثناء استخدام المضخة.
لكن توجد بعض الأوقات التي يقل فيها إنتاج الحليب في الثدي، وتشمل:
- الدورة الشهرية.
- الحمل.
- بداية استخدام الحليب الصناعي.
- التعرض للضغوطات.
- خلال طفرات النمو التي يمر بها الطفل، فلا تناسب كمية الحليب بالثدي احتياجات الطفل.
أطعمة تمنع إدرار الحليب
تحتاج الأم المرضعة إلى تجنب بعض الأكلات في أثناء الرضاعة، لأنها قد تتسبب في نقص إمداد الحليب أو ربما مشكلات للطفل.
تشمل هذه الأطعمة ما يلي:
- المنتجات التي تحتوي على الكافيين، مثل: الشاي والقهوة والشيكولاتة.
- الأعشاب، مثل: البقدونس والنعناع والزعتر.
- البهارات، مثل: القرفة والفلفل الحار.
- الفاكهة، مثل: الحمضيات والكيوي والخوخ والأناناس.
- الخضروات المسببة للغازات، مثل: الكرنب والقرنبيط والبصل والبروكلي.
- الكحول والتدخين.
كيفية زيادة إدرار الحليب عند المرضعة
تتعدد طرق زيادة حليب الأم وعلاج لبن الأم الخفيف، مثل: تناول الأطعمة والمشروبات والأدوية المدرة للبن.
مشروبات تساعد على إدرار الحليب
تعزز بعض المشروبات إنتاج الحليب، ومنها:
الماء
يأتي على قائمة المشروبات المعززة لإدرار الحليب على الرغم من تجاهل بعض الأمهات لتناوله.
بذور الحلبة
تُستخدم بذور الحلبة في جميع أنحاء العالم لزيادة إدرار الحليب عند المرضعة، فهي غنية بأحماض أوميجا-3 اللازمة لنمو دماغ الطفل.
بذور الشمر
تساهم في تهدئة المغص والغازات عند الرضع والتي تنتقل عبر الحليب، إلى جانب تعزيزها لإدرار الحليب، وتُشرب بعد نقعها في الماء طوال الليل.
بذور الكمون
تساعد على الهضم وتخفيف الإمساك والغازات إلى جانب الرضاعة.
كذلك تحتوي على الفيتامينات والكالسيوم، وتُشرب بعد نقعها في الماء طوال الليل.
الحليب
لا يساعد تناول الحليب على إنتاج لبن الثدي فقط، لكنه أيضًا غني بحمض الفوليك والكالسيوم والدهون الصحية.
لذلك يجب التأكد من شرب الحليب مرتين في اليوم.
الشاي الأخضر
يُظَن أنه يزيد إنتاج الحليب، كذلك فهو غني بمضادات الأكسدة.
أطعمة تدر الحليب للمرضعة
يُعد النظام الغذائي المتوازن من أهم العوامل المساعدة على زيادة إدرار الحليب عند المرضعة.
إذ تتوافر عديد من الأطعمة المعززة لإدرار الحليب، مثل:
الثوم
يساعد الثوم على زيادة إدرار الحليب عند المرضعة، إلا أن تناوله يؤثر في طعم ورائحة الحليب، لذلك يجب تناوله باعتدال.
الخضروات
تُعد الخضراوات، مثل: السبانخ واللفت والخردل مصدرًا هامًا للمعادن والفيتامينات المعززة لإدرار الحليب.
الشوفان
يوصي الأطباء بإضافة الشوفان إلى النظام الغذائي لزيادة إدرار الحليب عند المرضعة وإمداد الجسم بالطاقة.
الشعير
يزيد الشعير إدرار حليب الثدي، ويمكن دمج الحبوب في السلطة أو نقعها في الماء.
الأرز البني
يحفز الأرز الهرمونات لإنتاج الحليب.
المشمش
يساعد على توازن الهرمونات وتعزيز إدرار الحليب.
توجد أيضًا عديد من الأطعمة المدرة للحليب، مثل: البطاطا واللوز وبذور الشبت والبنجر والعدس والبطيخ والجريب فروت والجزر والريحان وبذور السمسم.
وصفات لزيادة حليب الأم
لحسن الحظ توجد أيضًا وصفات لزيادة إدرار الحليب عند المرضعة وتعد أسرع طريقة لإدرار الحليب، ما يأتي:
- فطائر التوت البري.
- كعكة الشوفان للرضاعة.
- عصير الشوفان والموز.
- شوربة العدس.
أدوية لزيادة حليب الأم
توصف بعض الحبوب لزيادة إدرار الحليب والمخصصة لأغراض أخرى غير الرضاعة، إذ تزيد إنتاج هرمون البرولاكتين.
كذلك تعد حلًا سريعًا لزيادة لبن الأم، لكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدام هذه الأدوية.
كذلك لا يمكن الاعتماد عليها فقط وإنما يجب تحفيز الثديين إما بالرضاعة أو الشفط المتكرر، ومن أشهرها:
ميتوكلوبراميد (Metoclopramide)
يستخدم لعلاج مشكلات المعدة، مثل: القيء والغثيان والارتجاع.
إذ تظهر نتائجه خلال أيام قليلة، لكن عادةً يقل إنتاج الحليب مرةً أخرى بعد توقفه.
بينما لا ينبغي استخدامه في حالات الاكتئاب أو التشنجات أو الربو أو ارتفاع ضغط الدم، وقد تظهر بعض الآثار الجانبية، مثل: النعاس أو الصداع أو الأرق.
كذلك حذرت إدارة الغذاء والدواء (FDA) من تسببه في الإصابة بالاكتئاب وخلل حركة لا يُحل حتى بعد توقف تناوله.
دومبيريدون (Domperidone)
يُعد أكثر أمانًا من الميتوكلوبراميد ويستخدم لنفس الغرض، ويمكن تناوله مدة أطول على الرغم من منع تداوله في الولايات المتحدة لما يصاحبه من تقارير خطرة.
أدوية أخرى
تستخدم بعض الأدوية لزيادة هرمون البرولاكتين، على الرغم من أنه لا يفضل استخدامها بسبب آثارها الخطيرة ومنها المهدئات، مثل:
- كلوروبرومازين (Chlorpromazine).
- هالوبيريدول (Haloperidol).
أدوية ضغط الدم، مثل:
- ميثيل دوبا (Methyldopa).
كذلك توجد بعض الأدوية لزيادة إدرار الحليب وتحتوي على مستخلص زيت الحلبة وبعض الزيوت المدرة للحليب مثل عقار هيربانا الذي يعد من أفضل كبسولات لزيادة حليب الأم.
نصائح لزيادة إدرار حليب الأم المرضعة
تتعدد النصائح لزيادة إدرار الحليب ومنها:
- بدء الرضاعة بعد الولادة بوقت قصير.
- الرضاعة المتكررة استجابةً لطلب الرضيع.
- شفط الحليب بعد كل جلسة رضاعة للحفاظ على إمداده.
- الحصول على قسط من الراحة.
- ارتداء حمالات صدر مناسبة.
- تقليل التوتر والكحول والنيكوتين.
- مراجعة الأدوية مع الطبيب لأنها قد تسبب نقص إمداد الحليب.
- الحصول على المساعدة من استشاري الرضاعة عند ظهور مشكلات بالرضاعة.
ختامًا، فإن الرضاعة الطبيعية من أجمل اللحظات التي قد تمر بها الأم على الرغم من وجود بعض المشكلات خاصةً في كيفية زيادة إدرار الحليب عند المرضعة.
لكن باتباع نظام غذائي متوازن والمحافظة على رطوبة الجسم بشرب السوائل يزيل عبء هذه المشكلات.
كذلك مثلما ذكرنا ينبغي الابتعاد عن بعض الأطعمة والعادات أثناء الرضاعة.