“بينما كان يُجري المختص فحص السمع للمواليد لطفلي الجديد، كان يدور برأسي حلم كل أم في أن ترى طفلها ينمو طبيعيًّا ويملأ الدنيا بابتساماته تارة وثرثرته تارةً أخرى، كذلك أوصاني الطبيب بمتابعة السمع حتى بعد اجتياز الاختبار بنجاح.”
كان هذا ما أخبرتني به جارتي “سعاد”..
لذلك بحثت عبر حاسوبي عن فحص السمع لحديثي الولادة لأقدم لك -عزيزي القارئ- عبر السطور القادمة كل ما تود معرفته عنه.
لكن هيا بنا نبدأ بالتعرف إلى آلية السمع ومتى يبدأ الصغير في سماع الأصوات؟
آلية السمع
يحدث السمع عندما تحفز الموجات الصوتية أعصاب الأذن الداخلية، ثم ينتقل الصوت من خلال المسارات العصبية إلى المخ.
متى يبدأ الأطفال في السمع؟
ربما يبدأ نمو سمع الطفل وتطوره في الأسبوع الثامن عشر من الحمل، لذلك يمكنك -عزيزتي الأم- التحدث إلى طفلك بينما هو جنين في رحمك.
هذا ما يفسر قراءة بعض الأمهات لأطفالهن القرآن أو القصص، أو غناء بعض التهويدات لأجنتهن في هذه المرحلة؛ في محاولة لتعزيز نمو حاسة السمع لديهم.
إذ قد يصبح الطفل أكثر حساسية للصوت في أثناء الحمل في الأسبوع 24، ويزداد ذلك بحلول الأسبوع 25 و26 من الحمل.
فقدان السمع
يُعرّف فقدان السمع بأنه عدم القدرة على سماع الصوت في إحدى الأذنين أو كلتيهما.
فقدان السمع عند الأطفال
ربما يعاني بعض الأطفال ضعف السمع عند الولادة، وعلى الرغم من أنه ليس بالأمر الشائع الحدوث، فإنه قد يفقد الأطفال سمعهم بالكامل أو جزءً منه فقط.
إذ يولد من 1 إلى 2 من كل 1000 طفل بضعف دائم في السمع، رغم ولادة معظمهم في أسر لا تحمل تاريخًا من فقدان السمع الدائم.
كذلك ربما يُصاب الأطفال -الذين يتمتعون بسمع طبيعي عندما كانوا رضعًا- بضعف السمع في مراحل متقدمة من عمرهم.
لذلك يسهم فحص السمع لحديثي الولادة في تشخيص الأطفال الذين يعانون ضعفًا دائمًا في السمع في أقرب وقت ممكن.
إذ يتيح للوالدين الحصول على الدعم والمشورة التي يحتاجونها منذ البداية، وتفادي كثير من المشكلات كذلك.
لماذا يحتاج المواليد الجدد إلى فحص السمع؟
ذلك كونه الخطوة الأولى والهامة للمساعدة على فهم ما إذا كان الطفل يعاني الصمم أو ضعف السمع.
إذ تصعب معرفة التغيرات التي تحدث في السمع في الأشهر أو السنوات الأولى من عمر الطفل دون إجراء فحص السمع.
ربما يصدر الأطفال استجابةً للضوضاء، ويتمثل ذلك في توجيه رؤوسهم نحو الصوت مثلًا.
لكن لا يعني هذا بالضرورة استطاعتهم سماع كل الأصوات من حولهم، لذلك تكمن أهمية فحص السمع فيما يأتي:
- تعزيز النمو الصحي وتجنب حدوث أي آثار سلبية تؤثر في مهارات التواصل واللغة لدى الطفل على المدى الطويل.
- كذلك يمكن أن يؤثر فقدان السمع في التحصيل الدراسي للطفل، ونموه الاجتماعي والعاطفي كذلك.
متى يُجرى فحص السمع للمواليد الجدد؟
ربما يُتاح فحص السمع للمواليد داخل المستشفى التي وُلد فيها الطفل، وذلك قبل الخروج منها.
كذلك يتوفر خيار آخر لإجراء فحص السمع من قِبل اختصاصي أو مساعد رعاية صحية أو زائر صحي في خلال الأسابيع القليلة الأولى من الولادة.
يُعد الوقت المثالي لإجراء الفحص في أول 4 إلى 5 أسابيع، لكن يسمح بإجرائه حتى عمر 3 أشهر.
كيفية إجراء فحص السمع للمواليد
توجد طريقتان للفحص، تُعد هذه الاختبارات آمنةً تمامًا على الطفل، ويمكن إجراؤها في أثناء نوم الطفل أو استلقائه باستخدام إحدى الطريقتين أو كلتيهما، وهما:
قياسات الانبعاث الأذنية السمعية (Otoacoustic Emission/ OAEo)
يقيس جهاز قياس السمع للاطفال في هذا الاختبار سلامة الأذن الداخلية (القوقعة)، ويستغرق نحو 5 إلى 10 دقائق فقط.
إذ توضع سماعة أذن صغيرة ذات رؤوس ناعمة في أذن الطفل، ثم تشغّل أصوات نقر لطيفة.
اختبار الاستجابة السمعية لجذع الدماغ (Auditory Brainstem Response /ABR)
يقيس هذا النوع من الاختبارات سلامة الأذن الداخلية، إضافةً إلى قياس مدى جودة العصب السمعي.
لذلك يمكنه تحديد كيفية استجابة العصب السمعي والدماغ للصوت، ويستغرق ما بين 5 و15 دقيقة.
توضع 3 مستشعرات صغيرة على رأس الطفل ورقبته، مع استخدام سماعات رأس ناعمة على أذني الطفل وتشغيل أصوات نقر لطيفة.
ماذا يعني أن طفلي لم يجتاز اختبار السمع؟
لا يعني بالضرورة عدم اجتياز الطفل لفحص السمع أنه أصم أو ضعيف السمع؛ إذ يمكن أن يؤثر وجود الآتي في النتائج:
- عدم استقرار الطفل في أثناء الاختبار.
- وجود ضوضاء في البيئة المحيطة.
- وجود سائل أو انسداد مؤقت في أذن الطفل بسبب الطلاء الجُبني (Vernix) أو تراكم الشمع في الأذن.
لكن يترتب على ذلك خضوع الطفل للفحص مرةً أخرى، مع ضرورة إجراء اختبارات سمعية أكثر تفصيلًا.
كذاك تجدر الإشارة إلى أنه ربما لا يجتاز نحو 1 أو 2 من كل 100 طفل فحص السمع الأولي.
لذلك يجب إحالتهم إلى اختصاصي سمع لإجراء تقييم طبي وسمعي أكثر شمولًا.
اختبار السمع للأطفال في المنزل
يتعين مراقبة علامات النمو التي يجب أن يصل إليها الطفل في السنة الأولى من عمره حتى إذا اجتاز فحص السمع للمواليد، وتشمل ما يلي:
- يلتفت معظم حديثي الولادة تجاه الأصوات العالية المفاجئة.
- يمكن عادةً للأطفال بعمر 3 شهور التعرف إلى صوت أحد الوالدين.
- أما في عمر 6 أشهر، ربما يدير الأطفال عيونهم أو رؤوسهم تجاه الصوت.
- بينما عادةً ما يمكنهم بحلول عامهم الأول (12 شهرًا) تقليد بعض الأصوات، والنطق بكلمات بسيطة، مثل: “ماما”، أو “بابا”.
تجدر الإشارة إلى أنه ربما يترافق بعض المتلازمات أو الاضطرابات مع فقدان السمع، ومنها:
- متلازمة داون (Down Syndrome).
- الإصابة بمتلازمة آلبورت (Alport Syndrome).
- التوحد (Autism).
مبادرة فحص السمع للمواليد الجدد
اهتمت وزارة الصحة المصرية بتطبيق برنامج فحص السمع ضمن الفحوص الأولية للمولود، وذلك عبر إطلاق مبادرة فحص السمع للمواليد.
إذ انطلقت المبادرة في ديسمبر 2020، من أجل الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع أو فقدانه لحديثي الولادة.
هل فحص السمع المبكر إلزاميًّا؟
يوصى بشدة بإجراء المسح السمعي لحديثي الولادة (Newborn Hearing Screening)، لكنه ليس إلزاميًّا.
كم تبلغ تكلفة اختبار السمع؟
جدير بالذكر أن سعر فحص السمع ABR وفحص السمع AOE كلاهما مجاني، ويتميز كذلك بالحصول على النتائج فورًا بعد إجرائه.
من الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بفقدان السمع؟
ربما يكون الطفل أكثر عرضة للإصابة بفقدان السمع في الحالات الآتية:
- العوامل الوراثية.
- الأطفال المبتسرين (الخُدَّج).
- أُعطيَ الطفل الأدوية التي تسبب فقدان السمع.
- ولادة الطفل بمضاعفات في أثناء الولادة.
- الإصابة بالتهابات متكررة في الأذن.
- معاناة بعض أنواع العدوى التي يمكن أن تضر بالسمع، مثل: التهاب السحايا (Meningitis) أو الفيروس المضخم للخلايا (Cytomegalovirus).
علاج ضعف السمع عند حديثي الولادة
يعتمد العلاج على سبب فقدان السمع وشدته لدى الطفل، ويتضمن:
خدمات التدخل المبكر لعلاج ضعف السمع
ينبغي خضوع الطفل لخدمات التدخل المبكر حال اكتشاف إصابته بضعف السمع، وذلك قبل بلوغه عمر 6 أشهر، وتتضمن الخدمات ما يأتي:
- التوجه إلى اختصاصي مدرَّب على التعامل مع الأطفال الذين يعانون ضعف السمع.
- المتابعة مع فريق أو اختصاصي لمساعدة الأسرة والطفل على تعلم مهارات التواصل، مثل: لغة الإشارة.
- الانضمام إلى مجموعات دعم الأسرة للحصول على المشورة والمعلومات عن المشكلة.
التكنولوجيا وعلاج ضعف السمع عند حديثي الولادة
لا تعالِج التكنولوجيا ضعف السمع، لكن يمكنها أن تسهم في تحقيق أقصى استفادة من السمع المتبقي لدى الطفل.
كذلك يمكن إدراجها ضمن إحدى خدمات التدخل المبكر، وتشمل خياراتها المتعددة الآتي:
- الأجهزة المساعدة على السمع (Hearing Aids).
- غرسات القوقعة الصناعية (Cochlear Implants).
- أنظمة السمع المثبت بالعظام (Bone-Anchored Hearing Systems).
أسباب وعلاجات طبية لضعف السمع
ربما يعزى ضعف السمع في كثير من الحالات إلى التهاب الأذن أو احتباس السوائل مثلما ذكرنا سالفًا.
يمكن في هذه الحالات أن يصف الطبيب المضادات الحيوية علاجًا لها.
لكن في حالة استمرار العدوى أو استمرار فقد السمع بعد العلاج، فيجب إحالة الطفل إلى اختصاصي أنف وأذن وحنجرة.
التدخل الجراحي
يمكن علاج الالتهابات التي تزول بالأدوية من خلال إجراء عملية جراحية بسيطة تتضمن إدخال أنبوب صغير في طبلة الأذن لتصريف السوائل.
كذلك يمكن إجراء عملية لتصحيح الصمم التوصيلي (Conductive Hearing Loss) وتحسينه، وهو أحد أنواع فقدان السمع.
إذ ينتج الصمم التوصيلي عن عدم تكون الأذن الخارجية والوسطى بصورة صحيحة في أثناء نمو الطفل داخل رحم الأم.
في الختام، بعد أن تعرفنا إلى أهمية فحص السمع للمواليد وكيفية إجرائه، لا تتردد -عزيزي القارئ- في إجراء الفحوص اللازمة إذا كانت لديك أي مخاوف بشأن سمع طفلك، لأن التدخل المبكر يعني نتائج فضلى.
إذ لا تضاهي سعادة في الدنيا فرحة الآباء والأمهات برؤية أطفالهم تكبر بسلام وصحة.
اقرأ أيضًا
تحليل الكعب للمولود | طريقته ونتائجه
تطعيم الدرن | أهميته وفاعليته للأطفال والكبار