“لا بدّ أن يخضع لعملية جراحية لإزالة بؤرة الفطر الأسود”!
هذا ما أخبر به الطبيب أهل المريض البائس الذي لم يلبَث أن تخلص من فيروس كورونا اللعين، حتى ظهرت عليه أعراض الفطر الأسود المميت.
ما العلاقة بين الفطر الأسود والإصابة بكوفيد-19؟ هل تسببه الكورونا أم أدوية علاجها؟ هل يمكن الشفاء منه؟
يا تُرى ما مضاعفات ذلك الوحش القاتل؟ وما طرق الإصابة به والوقاية منه؟
لا تندهش -عزيزي القارئ- هو حقًا وحش قاتل مثلما ذكرت، ولتعرف السبب تابع معي وسأكشف لك كل أسراره وخباياه.
ما الفطر الأسود المميت؟
يُعد الفطر الأسود نوعًا من العدوى الفطرية النادرة للغاية شديدة الخطورة، ويسمى الفطار العفني (Mucormycosis).
يحدث غالبًا بسبب ضعف المناعة نتيجة الإصابة بأي مرض أو بعد تناول دواء، ويمكن أن يؤدي إلى بعض المضاعفات الخطرة، ومنها الوفاة في حال عدم علاجه.
أنواع الفطار العفني
توجد خمسة أنواع للفطار العفني أو الفطر الأسود:
الفطار العفني الأنفي المخي (Rhinocerebral Mucormycosis)
الذي يصيب الأنف ثم ينتقل إلى المخ، وينتشر في مرضى السكري غير المنضبط ومرضى زراعة الكلى.
الفطار العفني الرئوي (Pulmonary Mucormycosis)
يكثر انتشاره في مرضى السرطان الذين يخضعون لزراعة الأعضاء أو الخلايا الجذعية.
الفطار العفني المعوي (Gastrointestinal mucormycosis)
إذ يكثر انتشاره بين الأطفال وخاصةً الخدج بعد تناولهم المضادات الحيوية أو خضوعهم للجراحة، أو الأدوية المثبطة للمناعة.
الفطار العفني الجلدي (Cutaneous mucormycosis)
يحدث بعد اختراق الفطر للجلد عبر الجروح والحروق، وهو النوع الأكثر انتشارًا بين مرضى ضعف المناعة.
الفطار العفني المنتشر (Disseminated Mucormycosis)
ينتشر الفطر إلى الدم ثم إلى المخ أو الطحال أو القلب أو الجلد مما يمثل خطورة بالغة.
أسباب الإصابة بالفطر الأسود
ينجم الفطر الأسود عن التعرض إلى نوع من الفطريات تُسمى الفطريات العفنة (Mucormycetes Molds)، التي توجد في:
- أوراق الأشجار.
- أكوام السماد.
- التربة.
- الخشب المتعفن.
دعونا نتعرف الآن إلى أعراض الفطر الأسود الأولية ومن ثم مضاعفاته.
ما أعراض الفطر الأسود المميت؟
تظهر الإصابة بالفطر الأسود في صورة أعراض عدوى تنفسية أو معوية أو جلدية تصيب أي جزء في الجسم.
تشمل أعراض إصابة الجهاز التنفسي ما يلي:
- الكحة.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- الصداع.
- احتقان الأنف.
- آلام الجيوب الأنفية.
- تورم في جانب واحد من الوجه.
- ألم بالصدر.
- قصر النفس.
- ظهور آفات سوداء على جسر الأنف أو الجزء الداخلي العلوي من الفم، ويتدهور الأمر سريعًا.
كذلك توجد أعراض معوية نذكر منها ما يلي:
- ألم بالبطن.
- الغثيان والقيء.
- نزيف بالأمعاء يظهر في البراز.
- الإسهال.
بينما تشمل أعراض إصابة الجلد ما يلي:
- الاحمرار.
- التورم.
- البثور.
- اسمرار أنسجة الجلد.
- ألم عند اللمس.
- القرح.
- ارتفاع درجة الحرارة.
بعد ظهور أعراض الفطر الأسود في الأنف، قد يتدهور الأمر فتظهر أعراض الفطر الأسود في العين، وهي مثلما يلي:
- تورم أو تنميل بالوجه وحول الحجاج (Periorbital)، أي في جفن العين والجلد المحيط بها.
- تشوش الرؤية أو ازدواجها.
- تورم ملتحمة العين.
- جحوظ العين.
- شلل العين (Ophthalmoplegia).
- تخدير بالقرنية.
- فقدان البصر.
قد يصل الأمر إلى تغيرات في الحالة العقلية أو الغيبوبة في حال وصول الفطر الأسود إلى الدم، ومنه إلى المخ.
بعدما تعرفنا إلى أعراض الفطر الأسود في الفم والعين والأنف، دعونا نطرح تساؤلًا جديدًا.
“هل يصيب الفطر الأسود الأطفال وما أعراضه”؟، كونوا معي لنجيب عن هذا السؤال.
أعراض الفطر الأسود عند الأطفال
تندر إصابة الأطفال بالفطر الأسود نظرًا لقلة الحالات المصابة بمرض السكري أو ضعف المناعة.
كذلك أثبتت بعض الدراسات وجود حالات نادرة للغاية من الأطفال ظهرت عليهم أعراض الفطر الأسود الآتية:
- صداع وتورم الجبهة.
- تورم جانب واحد من الوجه.
- قشور سوداء حول الأنف.
- ازدواج الرؤية أو فقدانها.
- مضاعفات بالجهاز التنفسي، مثل: ألم الصدر وكحة وقصر في النفس.
يتضمن علاج الفطر الأسود عند الأطفال تناول الأدوية المضادة للفطريات مع الجراحة وفقًا لحالة الطفل.
لذلك عليك -عزيزي القارئ- أن تحمي أطفالك وتنصحهم بغسيل اليدين جيدًا قبل لمس العين أو الفم أو الأنف.
بعدما تعرفنا إلى أعراض الفطر الأسود عند الأطفال، إليكم عوامل تزيد خطر الإصابة به.
عوامل الخطر
توجد بعض العوامل تزيد خطر الإصابة بالفطر الأسود، ونذكر منها ما يلي:
- الحروق.
- الجروح والخدوش.
- السرطان.
- زراعة الأعضاء أو الخلايا الجذعية.
- فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أو الإيدز(AIDS).
- مرض السكري غير المنضبط.
- التعرض للجراحة.
- قلة العدلات (Neutropenia).
- استخدام الستيرويدات مدة طويلة.
- داء ترسب الأصبغة الدموية (Hemochromatosis).
- سوء التغذية.
- الأطفال الخدج (Premature babies).
- الحماض الأيضي (Metabolic acidosis).
بعدما تعرفنا إلى عوامل الخطر وأعراض الفطر الأسود دعونا نتطرق إلى طرق العدوى ثم الوقاية لاحقًا.
طريقة العدوى بالفطر الأسود القاتل
ينتقل الفطر الأسود من الكائنات المصابة بالفطريات العفنة (Mucormyete Molds) المذكورة آنفًا، كذلك من استنشاق جراثيم العفن (Mold Spores) المتناثرة في الهواء.
يمكن أن تحدث الإصابة أيضًا في المناطق التالية بالجسم:
- العين.
- الوجه.
- الرئتين.
- الجهاز العصبي المركزي (نادر).
- الجيوب الأنفية.
تحدث العدوى كذلك بالتعرض الجلدي عبر الجروح والحروق، لكن كل تلك الطرق المذكورة لا تسبب العدوى بسهولة إلا في مرضى ضعف المناعة أو مرضى السكري.
التشخيص
لا يعرف المريض بإصابته بالفطر الأسود؛ إذ يذهب للطبيب شاكيًا من أعراض الفطر الأسود ممثلة في عدوى في الرئة أو الجيوب الأنفية أو الجلد.
يحتاج الطبيب إلى فحص عينة من الأنسجة يجمعها الطبيب من البلغم أو إفرازات الأنف في حال توقع الإصابة بالجيوب الأنفية.
في حال عدوى الجلد سينظف الطبيب المنطقة المعنية بالإصابة.
أما إذا شك الطبيب في وصول الفطر الأسود للمخ سيطلب أشعة مقطعية أو أشعة رنين مغناطيسي للتأكد.
العلاج
يتضمن علاج الفطر الأسود التخلص من الفطار العفني بتناول الأدوية المضادة للفطريات بالوريد أو الخضوع للتنضير الجراحي (ٍSurgical Debridement) أي إزالة جميع الأنسجة المصابة؛ فيمنع انتشار العدوى.
في حال الاستجابة الجيدة للعلاج الوريدي والتنضير الجراحي، سيحول الطبيب المريض فيما بعد على أدوية تؤخذ بالفم.
تشمل الأدوية المضادة للفطريات الشائعة التي قد يصفها الطبيب لعلاج الفطر الأسود ما يلي:
- الأمفوتريسين ب (Amphotericin B)، يُعطى بالوريد فقط.
- بوساكونازول (Posaconazole)، ويؤخذ عبر الوريد أو الفم.
- إيزافوكونازول (Isavuconazole)، يعطى بالوريد أو الفم.
بعدما تعرفنا إلى أعراض الفطر الأسود وعلاجه دعونا نتحدث عن التوقعات المحتملة بعد الإصابة.
ما التوقعات المحتملة لمرضى الفطر الأسود؟
تعتمد فرصة الشفاء من الفطر الأسود على التشخيص المبكر والبدء بالعلاج، كذلك يظل احتمال الوفاة قائمًا في حالات العدوى الشديدة المنتشرة في أرجاء الجسم، أو في حال عدم علاجه.
هذه مضاعفات الفطر الأسود:
- عدوى المخ.
- العمى.
- الجلطات الدموية.
- الشلل بسبب الضرر الواقع على الأعصاب.
- الالتهاب الرئوي.
- الصرع.
- الموت.
ما العلاقة بين الفطر الأسود وكوفيد-19؟
يظن الأطباء أن الستيرويدات (Steroids) المستخدمة في علاج حالات كوفيد-19 الشديدة هي المحفز الرئيس للإصابة بالفطر الأسود.
يرجع ذلك بسبب ضعف المناعة التي تسببها تلك الأدوية ولا سيما في مرضى السكري.
لذلك ينصح الأطباء بتجنب إعطاء الستيرويدات لحالات كوفيد-19 البسيطة أو المتوسطة، لتجنب ضعف المناعة ومن ثم الإصابة بالفطر الأسود.
كذلك تُعد الإصابة بالفطر الأسود بعد الإصابة بكوفيد-19 في مريض السكر مع تناوله الستيرويدات والمضادات الحيوية واسعة المدى واستخدام أجهزة التنفس التدخلية (Invasive Ventilation) أحد أعلى معدلات الوفيات في الوقت الراهن.
هل الفطر الأسود معدي، وما طرق الوقاية منه؟
من حسن الحظ أن الفطر الأسود ليس مُعديًا، فلن ينتقل من شخص مصاب به لشخص آخر.
لكن إذا ينبغي التزام أصحاب الأمراض المزمنة أو الأمراض المناعية بالتدابير الاحترازية التالية لمنع العدوى:
- ارتداء القناع الواقي في أثناء العمل في الحديقة.
- تضميد الجروح حتى تُشفى.
- البقاء بعيدًا عن المناطق المليئة بالغبار لتجنب استنشاق جراثيم العفن.
ختامًا، رغم أن الفطر الأسود مرض قاتل فتاك فإنه شديد الندرة.
فقط ينصح باستشارة الطبيب قبل استخدام أي علاج في حال الإصابة السابقة بكورونا وفي حال الشعور بأعراض الفطر الأسود بعد الشفاء من كورونا.
أذكركم ونفسي بالاحتفاظ باتخاذ إجراءات الوقاية حتى يزول عنا هذا الكرب العظيم.
