“أظن أن (عليًا) يعاني اضطرابات التأخر الحركي عند الأطفال.
ألا ترين أنه أكمل عامه الأول ولا يزحف ولا يحبو مثل بقية الأطفال في نفس العمر؟” قالتها زوجة أخي في إحدى التجمعات العائلية.
ماذا تعني بالتأخر الحركي؟ هل يعاني (علي) مشكلة بدنية؟
هل الأمر طبيعي وأنه مجرد اختلاف في معدل النمو من طفل لآخر، هل سيؤثر ذلك في مهاراته العقلية والفكرية فيما بعد؟
نعلم أن جميع هذه الأسئلة تدور في ذهن كل أم، لذلك سوف نتناول في هذا المقال إحدى مشكلات تأخر النمو عند الأطفال.
ماذا يعني التأخر الحركي عند الأطفال؟
نلاحظ التأخر الحركي عند الأطفال عندما يؤدون الأنشطة والمهام الطبيعية التي يفترض تأديتها في عمر معين، مثل: الدحرجة، والزحف، والمشي أو أي أنشطة أخرى.
تنقسم مهارة التأخر الحركي عند الأطفال إلى:
- التأخر في المهارات العامة، مثل: الزحف أو المشي.
- التأخر في المهارات الدقيقة، مثل: استخدام الأصابع للإمساك بالملعقة أو حمل قلم تلوين.
لكن عامةً، لا ينمو جميع الأطفال بمعدل ثابت؛ إذ يمشي بعض الأطفال في وقت مبكر بداية من عمر التسعة أشهر، بينما يبدأ آخرون في المشي بعد عامهم الأول.
ما اسباب التأخر الحركي عند الاطفال؟
قد لا تنمو العضلات لدى الأطفال الذين يولدون قبل الموعد الطبيعي للولادة بنفس معدل نمو عضلات الأطفال الآخرين.
كذلك تشمل اسباب التأخر الحركي عند الأطفال ما يأتي:
- الرنح أو الاختلاج الحركي: فقدان القدرة على التحكم في العضلات وتنظيم الحركات الإرادية، مثل: المشي أو التقاط الأشياء.
- الشلل الدماغي: ينتج عن تلف في الدماغ قبل الولادة.
- التأخر المعرفي: يطلق عليه أيضًا “تأخر النمو العقلي”، ويعني عدم تطور دماغ الطفل طبيعيًا، مما ينتج عنه انخفاض معدل الذكاء، وصعوبة التعلم أو التعامل مع الآخرين.
- الاعتلال العضلي: مصطلح عام يطلق على أي مرض يصيب العضلات التي تتحكم في الحركات الإرادية للجسم، إذ إن بعض الاعتلالات العضلية وراثية يمكن أن تنتقل من الأب إلى الابن.
- السنسنة المشقوقة: نوع من عيوب الأنبوب العصبي، ويؤثر في العمود الفقري؛ فإذا لم ينغلق الأنبوب العصبي بالكامل؛ لن يتشكل العمود الفقري الذي يحمي النخاع الشوكي، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى تلف الحبل الشوكي والأعصاب.
- مشكلات الرؤية.
من الضروري اصطحاب الطفل إلى طبيب الأطفال الخاص به لإجراء جميع الفحوصات؛ حتى يتمكن الطبيب من فهم سبب تأخر الحركة وإيجاد الحل في أسرع وقت ممكن.
ما أعراض التأخر الحركي عند الأطفال؟
تختلف أعراض التأخر الحركي من طفل لآخر وفقًا لعمر الطفل وقت تشخيص المرض:
- يصعب ملاحظة أعراض المرض أو تشخيصه في الأطفال الرضع، لكن قد يعاني الرضيع فرط التوتر العضلي (Hypertonia)، أو نقص التوتر العضلي (Hypotonia).
- ربما يتأخر الأطفال الأكبر سنًا في الجلوس، أو الوقوف أو المشي.
- يواجه الأطفال الأكبر سنًا صعوبة في إطعام أنفسهم.
- يجد الأطفال الأكبر سنًا صعوبة في الإمساك بالقلم، بل يلجأون إلى الضرب والطَرق على أكواب المياه الزجاجية أكثر من المعتاد للهروب من الأنشطة.
- كذلك مع تقدم عمر الأطفال الذين يعانون التأخر الحركي قد تجدهم يتجنبون الأنشطة البدنية، خاصةً التي تحتاج إلى سلوكيات حركية معقدة، مثل:
- الرقص.
- السباحة.
- الإمساك بالكرة أو رميها.
- الكتابة.
- الرسم.
يرجع ذلك إلى عدم قدرة الطفل الذي يعاني التأخر الحركي على إكمال المهام الحركية كاملة، بل يميل إلى الوقوع والتعثر أكثر من غيره من الأصحاء.
كذلك يرجع إلى شعور الطفل أنه غير قادر على الحكم على المسافات المكانية، وإيقاف تشغيل الأجهزة أو غلق صنبور المياه.
متى تتطلب الرعاية الطبية؟
يجب أن يتلقى الأطفال المصابون بالتأخر الحركي الرعاية في أقرب وقت ممكن، لمنع أي مضاعفات ثانوية مثل التأخر الدراسي والانسحاب الاجتماعي.
كذلك يجب التأكد من عدم وجود أي خلل عصبي أو حركي في وقت مبكر.
تشخيص التأخر الحركي عند الأطفال
يساعد طبيب الأطفال على فهم ما إذا كان التأخر الحركي عند الطفل علامة على وجود مشكلة أخرى، أم إنه مجرد أمر طبيعي يرجع لعمر هذا الطفل.
سوف يطلب الطبيب من الطفل أداء بعض الحركات ومن ثم يراقب أداء الطفل لهذه الحركات مقارنةً بعمره.
إذا لاحظ الطبيب وجود مشكلة سيطلب من طفلك أداء مهام أخرى اعتمادًا على المشكلة المشتبه بها.
ربما يحتاج الطبيب إلى التصوير بالرنين المغناطيسي أو فحص الدم، للتحقق من وجود الاضطرابات الوراثية، أو الشلل الدماغي، أو مشكلات الغدة الدرقية.
قد يحول الطبيب الطفل إلى اختصاصي لإجراء اختبارات تنموية وحركية دقيقة، مثل: تقييم المهارات الحركية التنموية واختبار برونكس أوزرتسكي (Bruiniks-Oseretsky) للكفاءة الحركية.
علاج التأخر الحركي عند الأطفال
يجب أن تعلم كل أم أنه لا يوجد نظام علاجي واحد يناسب جميع الأطفال، فكل طفل يختلف وفقًا لعمره وحالته.
كذلك من المهم معرفة أنه على الرغم من وجود عديد من الأنظمة العلاجية، فإن قليل منها اختُبر بدقة وأثبت فعاليته.
لكن عامةً؛ يستجيب معظم الأطفال للعلاج متعدد الوسائط الذي يتضمن معالجًا مهنيًا (Occupational Therapist)، ومعالجًا فيزيائيًا.
يجري ذلك -غالبًا- بمساعدة مختصين يستخدمون تقنيات “التدريب الحركي الإدراكي” لمساعدة الطفل على تحسين قدراته الحركية.
كذلك من المهم مناقشة الأنظمة العلاجية مع الطبيب المختص، لتطبيق النظام الذي يناسب الطفل.
الرعاية الذاتية في المنزل لطفلك
يجب اتباع نظام غذائي صحي للحفاظ على وزن الجسم الصحي الطبيعي والوقاية من خطر السمنة، وذلك تعويضًا عن الأنشطة البدنية.
إذ تعد الأنشطة الرياضية غير التنافسية، مثل: اليوجا، والمشي أو تمارين الكرسي أكثر ملائمة للأطفال الذين يعانون تأخر الحركة.
عادةً، قد تؤدي تلك الأنشطة إلى نتائج إيجابية على المدى البعيد.
الرعاية الطبية لعلاج التأخر الحركي عند الأطفال
يشمل العلاج الطبي فحص الاضطرابات التي من الممكن حدوثها في نفس الوقت، مثل:
- اضطرابات الكلام واللغة.
- متلازمة توريت (Tourette Syndrome): هي حالة تصيب الجهاز العصبي، وتسبب التشنجات المفاجئة اللا إرادية؛ مما يجعل الشخص يقوم بحركات ويصدر أصوات متكررة، دون أن يستطيع التحكم في جسده ومنعه من أداء هذه الأفعال.
- اضطرابات المزاج.
- اضطرابات طيف التوحد.
- إعاقات النمو.
- اضطرابات التعلم.
في الختام، نعلم أن تأخر النمو الحركي عند الأطفال قد يسبب للأمهات القلق والتوتر.
لكن يجب معرفة أن نمو الأطفال لا يسير على نمط ثابت، فتأخر الطفل في الحركة لا يعني إصابته بالتأخر الحركي.
لذلك ننصحك بمراجعة طبيب طفلك المختص باستمرار لتقييم معدل النمو الطبيعي لدى طفلك.