دائمًا ما كانت التحاليل الطبية مفتاحًا يستخدمه الطبيب لتشخيص كثير من الحالات الطبية، مثل: تحليل انزيمات القلب.
يستدعي الاشتباه في تشخيص النوبات القلبية إجراء تحليل انزيمات القلب؛ إذ ترتفع مستوياتها في هذه الحالة، لكن أولًا:
ما المقصود بالنوبة القلبية؟
تُعرف أيضًا باحتشاء عضلة القلب (Myocardial Infarction).
هي حالة طبية طارئة تتطلب الإسعاف الفوري، إذ يمكن أن يؤدي نقص الدم والأكسجين الذي يغذي القلب إلى تضرر عضلة القلب، وموت الخلايا القلبية.
أعراض النوبة القلبية
نظرًا لأهمية الموضوع -عزيزي القارئ- هذه أهم أعراض النوبة القلبية:
- ألم في الصدر (ضاغط وعاصر)؛ إذ يشعر المريض بالضغط على منطقة الصدر، أو وجود وزن ثقيل فوق صدره.
- انتقال الألم من الصدر إلى الفك والرقبة والظهر، ثم الذراع اليسرى عادةً، لكن ربما ينتشر الألم إلى الذراعين معًا.
- الدوار.
- التعرق الشديد.
- الغثيان والقيء.
كانت تلك أهم الأعراض المصاحبة للنوبة القلبية، إلا إنه ربما يمر بعض الأشخاص بأعراضٍ طفيفة مثل عسر الهضم فقط، أو لا يعانون أي ألم في الصدر أو ضيق التنفس.
تنتشر تلك الحالة غالبًا بين النساء أو كبار السن أو المصابين بمرض السكري أيضًا.
لذلك فإن تحليل انزيمات القلب من أهم طرق التشخيص بجانب مخطط كهربية القلب (ECG)
ما هو تحليل انزيمات القلب؟
بدايةً، تتكون الإنزيمات من بروتينات تعزز سرعة التفاعلات الكيميائية الحيوية داخل جسم الإنسان.
توجد إنزيمات القلب عادةً داخل خلايا القلب، وتوجد كذلك بمستويات منخفضة جدًا في الدم، لكن ترتبط زيادة تركيز إنزيمات القلب في الدم بتلف بعض الخلايا القلبية لسبب ما، مثل النوبة القلبية.
كذلك يأتي المريض إلى المستشفى عادةً ببعض الأعراض التي تشير إلى اشتباه الإصابة بالنوبة القلبية (Heart Attack).
تُعرف إنزيمات القلب كذلك بالمؤشرات الحيوية للقلب (Cardiac Biomarker)، ومن أشهر تحاليل انزيمات القلب المعروفة الميوغلوبين (Myoglobin) والكرياتين كيناز (Creatine Kinase)، والتروبونين (Troponin).
تحليل الميوغلوبين (Myoglobin)
يخرج إنزيم الميوغلوبين إلى الدورة الدموية عند حدوث تلف في أي نوع من أنسجة الجسم.
كذلك لا يُعد ظهوره في الدم خاصًا بحدوث النوبة القلبية فقط؛ إذ تحتوي العضلات الهيكلية (Skeletal Muscle) كذلك على الميوغلوبين.
متى يرتفع تركيز الميوغلوبين؟
يزيد تركيز الميوغلوبين في الدم بعد ما يقرب من نصف ساعة فقط من حدوث النوبة القلبية، على عكس باقي تحاليل انزيمات القلب.
تحليل إنزيم القلب كرياتين كيناز (Creatine kinase)
يُعرف أيضًا بفوسفوكيناز الكرياتين، تووجد ثلاثة نظائر إنزيمية من الإنزيم تُسمى (Isoenzyme)، مثلما يأتي:
- النوع الأول خاص بالقلب CK-MB.
- النوع الثاني خاص بالعضلات CK-MM.
- الثالث في المخ CK-BB.
متى يرتفع تركيز الكرياتين كيناز؟
يرتفع تركيز الكرياتين كيناز (CK-MB) في الدم بعد النوبة القلبية بحوالي 3 إلى 4 ساعات، إذ يظل تركيزه مرتفعًا مدة 3 إلى 4 أيام، ليعود بعدها إلى مستواه الطبيعي.
يساعد هذا الأمر الطبيب على اكتشاف حدوث نوبة قلبية جديدة بعد تلك المدة، على عكس التروبونين الذي يظل تركيزه عاليًا في الدم مدةً أطول.
تحليل إنزيمات القلب Troponin
يوجد ثلاثة أنواع من التروبونين في جسم الإنسان، هي: تروبونين سي (CTnC)، وتي (CTnT)، وآي (CTnI).
يشيع فحص إنزيم التروبونين تي وآي؛ إذ يعد الاثنان أكثر حساسيةً وتحديدًا في تشخيص النوبة القلبية.
كذلك، يستند إليهما تشخيص النوبات القلبية إلى جانب الأعراض، ومخطط كهربية القلب (ECG).
متى ترتفع تركيزات انزيمات تروبونين؟
تُطلق من خلايا القلب عند تلف عضلة القلب، ويبدأ مستوى التروبونين في الظهور في الدم بعد 3 إلى 4 ساعات من الأعراض.
يصل إلى ذروة تركيزه بالدم بعد 24 إلى 48 ساعة، ليعود تدريجيًا إلى مستواه الطبيعي بالدم في خلال 10 أيام، رغم عودة الإنزيمات الأخرى إلى مستواها الطبيعي.
يوجد ارتباط وثيق بين مستوى تركيز التروبونين في الدم، ومدى تلف أنسجة القلب؛ فكلما زاد تركيز التروبونين في الدم؛ دل ذلك على زيادة مستوى التلف.
تحليل انزيمات القلب LDH
استُخدم تحليل انزيمات القلب LDH قديمًا في حالات الإصابة بالنوبة القلبية، إلا إنه لم يعد يُستخدم الآن كثيرًا.
يوجد اللاكتات ديهيدروجيناز (Lactate Dehydrogenase) تقريبًا في جميع خلايا الجسم، إذ يوجد في الدم والقلب، والرئتين والكلى والمخ؛ لذا زيادته لا تعني بالضرورة وجود مشكلة بالقلب.
تشير زيادة مستوى LDH في الدم إلى وجود تلف في الأنسجة أو مرض ما، دون تحديد مكان التلف؛ لذا ربما يلجأ الطبيب إلى إجراء عدة تحاليل أخرى لمعرفة مكان التلف وشدته.
أسباب زيادة مستوى LDH
توجد عدة اضطرابات تؤدي إلى زيادة مستواه بالدم، ومنها:
- فقر الدم.
- أمراض الكلى.
- أمراض الكبد.
- التهاب البنكرياس.
- النوبات القلبية.
- الإصابة العضلية.
- أنواع معينة من السرطان، مثل: اللوكيميا والليمفوما.
ملحوظة هامة:
تأخذ إنزيمات القلب عدة ساعات قبل ارتفاع تركيزها في الدم؛ لذا ربما تظهر مستوياتها طبيعية إذا أُجري تحليل انزيمات القلب وقت ظهور الأعراض مباشرةً.
عادةً، تعاد تلك التحاليل عدة مرات؛ ليتابع الطبيب مستوياتها من نقص أو زيادة أو ثبات على المستوى.
التحضيرات اللازمة لتحليل انزيمات القلب
يُجرى تحليل انزيمات القلب غالبًا في حالات الطوارئ، مثلما ذكرنا سابقًا في حالات الاشتباه في الإصابة بالنوبة القلبية.
لا توجد تحضيرات خاصة لازمة قبل إجراء تحليل انزيمات القلب؛ فلا توجد حاجة إلى الصيام مدة معينة، أو إيقاف تناول بعض الأدوية.
لكن يجب إخبار الطبيب بأي معلومة طبية خاصة بالمريض، مثل:
- بداية ظهور الأعراض.
- وجود إصابة سابقة بالنوبة القلبية.
- أي تاريخ مرضي للإصابة بأمراض القلب.
- ارتفاع ضغط الدم.
- العمليات الجراحية التي أجريت للشخص من قبل.
فحوصات أخرى
يفحص الطبيب المؤشرات الحيوية للمريض بالإضافة إلى بعض التحاليل الطبية الأخرى، مثل:
- تحليل الكوليسترول في الدم.
- مستوى جلوكوز الدم.
- المعادن، مثل: الصوديوم والبوتاسيوم.
- مستوى ببتيد الناتريوتريك من النوع ب (BNP).
كم يستغرق فحص انزيمات القلب؟
عادةً، تظهر نتائج تحليل انزيمات القلب بعد ساعة تقريبًا من سحب عينة الدم.
اسباب ارتفاع انزيمات القلب
توجد أسباب أخرى ربما تؤدي الى ارتفاع إنزيمات القلب غير احتشاء عضلة القلب، ومن أهمها:
- الانسداد الرئوي -جلطة وانسداد شريان في الرئة- (Pulmonary Embolism).
- الرجفان الأذيني (Atrial Fibrillation).
- عملية القلب المفتوح (Open Heart Surgery).
- قصور القلب الاحتقاني (Congestive Heart Failure).
- التمارين الرياضية الشاقَّة.
- الإصابة أو الصدمات الحادة في القلب والصدر.
- أمراض الكلى، يسهم انخفاض وظائف الكلى في ارتفاع إنزيمات القلب؛ إذ تساعد الكلى على تخلص الجسم من إنزيمات القلب.
- الإنتان (Sepsis)، ويسبب تسمم الدم ارتفاع إنزيمات القلب.
كذلك، يوجد سؤال ربما يدور دائمًا في أذهاننا، ألا وهو:
هل التدخين يرفع إنزيمات القلب؟
يرتبط التدخين ارتباطًا وثيقًا بأمراض القلب والأوعية الدموية ومن ثَم الإصابة باحتشاء عضلة القلب، وارتفاع إنزيمات القلب.
كذلك يزيد خطر الإصابة أيضًا تبعًا لعدد السجائر اليومية التي يدخنها الشخص.
الآثار الجانبية
لا توجد آثار جانبية خطرة عند إجراء تحليل انزيمات القلب، يمكن أن تحدث فقط بعض الكدمات أو الألم المؤقت مكان إدخال الإبرة لسحب الدم.
في الختام -عزيزي القارئ- يُعد تحليل انزيمات القلب إجراءً بسيطًا ربما يساعد على إنقاذ الحياة، ولا توجد أي مخاطر تستدعي القلق من إجرائه.
