هل تساءلت يومًا عن كيفية وراثة فصيلة الدم؟! تنحصر فصائل الدم عند البشر جميعًا -على اختلاف أنسابهم وأسلافهم- في أربعة أنواع فقط.
لكن كيف تحدث وراثة فصائل الدم؟، وما القانون الثابت الذي يحكمها؟ وهل يمكن أن تختلف فصيلة دم المولود عن والديه؟
هذا ما نكشفه الآن في مقالنا مع شرح فصائل الدم بالتفصيل، فهيا نبدأ.
ما فصيلة الدم؟
تنقسم فصائل الدم -عامةً- إلى 4 أنواع، وهي A، B، AB، O.
كذلك كل فصيلة منها تنقسم إلى نوع موجب (Rh+)، وآخر سالب (Rh-)، بذلك ينتهي الأمر إلى وجود 8 أنواع من فصائل الدم.
تتركب هذه المجموعات من بروتين يسمى المستضد (Antigen)، ويُحَمل على جدران كرات الدم الحمراء.
أما في مجرى الدم نجد الأجسام المضادة (Antibodies)، التي تحارب أي جسم غريب يدخل الجسم، وتكون من النوع المخالف لنوع المستضد، وهذا ما نفسره الآن.
أهمية معرفة فصيلة الدم
قبل اكتشاف فصائل الدم عام 1901 على يد العالم النمساوي كارل لاندشتاينر (Karl Landsteiner)، كان كثير من المرضى يموتون بعد نقل الدم.
لم يكن الأطباء يعرفون أن فصائل الدم تختلف بين البشر، وأن نقل فصيلة دم مختلفة للمريض قد يودي بحياته.
إذ تهاجم الأجسام المضادة في دم المريض كرات الدم الحمراء المنقولة إليه مما يؤدي إلى تكتل الدم في العروق.
نظام ABO
وضع نظام ABO لإيضاح نوع المستضد والأجسام المضادة الموجودة في دم كل شخص، مثلما يأتي:
الأشخاص ذوو فصيلة الدم A
يحملون المستضد A على كرات الدم الحمراء بينما تجري في دمائهم الأجسام المضادة للمستضد B.
الأشخاص ذوو فصيلة الدم B
يحملون المستضد B على كرات الدم الحمراء، بينما تجري في دمائهم الأجسام المضادة للمستضد A.
الأشخاص ذوو فصيلة الدم AB
يحملون المستضدَين A وB على جدر كرات الدم الحمراء، لكن ليس لديهم أجسام مضادة تجاه أي مستضد منهما.
لذلك تعد هذه الفصيلة “مستقبلًا عامًا”، إذ يمكن لأصحابها استقبال أي فصيلة دم لعدم وجود أجسام مضادة لديهم تتفاعل مع أي فصيلة دم دخيلة.
الأشخاص ذوو فصيلة الدم O
أكثر الفصائل شيوعًا ولا يحمل أصحابها أي نوع من المستضدات، لكنهم يمتلكون أجسام مضادة للمستضدَين A وB.
لذلك تسمى هذه الفصيلة “معطٍ عام”، أي يمكن أن تمنح الدم إلى جميع فصائل الدم دون أن تسبب أي أضرار، لكنها لا تستقبل إلا نفس نوعها.
نظام Rh
مثلما ذكرنا سابقًا، تنقسم كل فصيلة إلى نوعين أحدهما سالب والآخر موجب.
يرجع ذلك إلى بروتين مستضد إضافي يسمى (RhD) لا يشترط وجوده في جميع البشر.
بمعنى أنه إن وُجد هذا المستضد على كرات الدم الحمراء؛ أصبحت فصيلة الدم موجبة، مثل: A+، وB+، وAB+، وأخيرًا O+.
أما في حالة عدم وجود هذه المستضد؛ تكون فصيلة الدم سالبة، مثل: A-، وB-، وAB-، وO-.
جدير بالذكر أن فصيلة الدم O السالبة (O-)، تعد أنسب الفصائل المانحة للدم، إذ لا تحتوي أي مستضدات قد يحاربها الجسم المستقبل.
اختبار فصيلة الدم
يجرى اختبار فصائل الدم لمعرفة نوع الفصيلة التي يحملها الشخص.
إذ تعتمد طريقة إجرائه على مزج عينة من دم الشخص مع أجسام مضادة من الفصائل الأخرى، ثم ننتظر حدوث تفاعلات التجلط.
إذا حدث تجلط مع جميع الأجسام المضادة كانت الفصيلة تحت الاختبار O، أما إذا لم يحدث تجلط مع جميع الأجسام المضادة كانت الفصيلة AB.
لكن إذا كانت عينة الدم محل الاختبار من فصيلة الدم A، سيحدث تجلط عند إضافتها إلى فصيلة الدم B التي تحتوي على الأجسام المضادة A.
كذلك سيحدث تجلط عند إضافتها إلى فصيلة الدم O، بينما لن يحدث تجلط عند إضافتها إلى فصيلة الدم AB إذ لا تحتوي على أي أجسام مضادة لفصيلة الدم محل الاختبار.
كيفية وراثة فصيلة الدم في الحمل
تعتمد وراثة فصيلة دم الجنين عن والديه على قانون جيني ثابت ذي احتمالات محدودة ومعروفة.
إذ يمتلك كل من الوالدين فصيلة دم معينة يعبَّر عنها بنسختين من الجين إما نقية أو هجينة.
بمعنى أن الأب ذا فصيلة الدم A تكون جيناته إما نقية (AA) أو هجينة (AO)، كذلك الحال في فصيلة الدم B.
أما فصائل الدم AB وO تكونان على صورة واحدة من الجينات.
يبين جدول فصائل الدم للأبناء كيفية وراثة فصيلة الدم من الوالدين سواء كانت فصيلتهما نقية أو هجينة.
جينات الآباء | AA | BB | AB | OO | AO | BO |
AA | AA | AB | AA AB | AO | AO AA | AO AB |
BB | AB | BB | AB BB | BO | AB BO | BB BO |
AB | AA AB | AB BB | AA AB BB | AO BO | AA AB AO BO | BB AB AO BO |
OO | AO | BO | AO BO | OO | AO OO | BO OO |
AO | AA AO | AB BO | AA AB BO AO | AO OO | AA AO OO | AB BO AO OO |
BO | AB AO | BB BO | AB BB AO BO | BO OO | AB AO BO OO | BB BO OO |
هكذا عرفنا نظام الجينات الوراثية وفصائل الدم، وذكرنا أن لكل فصيلة دم نوع موجب وآخر سالب.
لذلك سنتعرف الآن إلى آلية وراثة فصائل الدم السلبية، ومخاطر اختلاف فصيلة دم المولود عن الأم.
فصائل الدم والزواج
لا يمثل اختلاف فصائل الدم خطرًا على أي من الزوجين.
لكن اختلاف نظام Rh في الزوجين؛ بأن يكون الأب إيجابي Rh والأم سلبية Rh، ربما يمثل خطرًا على الجنين إذا كان ذا Rh موجب.
إذ لا يمكن أن يتلقى ذوو نظام Rh السلبي إلا دم Rh سلبي مثله.
تحدث المشكلة عندما تهاجم الأجسام المضادة في الأم ذات Rh سالب؛ خلايا دم الجنين ذات Rh موجب، إذ تعد أجسامًا غريبةً عن جسم الأم.
تكسِّر الأجسام المضادة من دم الأم كرات الدم الحمراء في الجنين، مما يزيد تركيز مادة البليروبين (Bilirubin) في دمه إلى معدلات تمثل خطورة على حياته.
عادةً؛ لا تحدث هذه المشكلة في الجنين الأول للأم، إذ لا يختلط دم الأم بدم الجنين في أثناء فترة الحمل.
لكن يبدأ تكوين الأجسام المضادة في جسم الأم عند الولادة، إذ قد يختلط دمها بدم المولود، مما يستحث دمها لتكوين أجسام مضادة.
تظل الأجسام المضادة موجودة في دم الأم، ومستعدة لمهاجمة الجنين الثاني إذا كان دمه Rh موجب.
لكن بفضل جهود العلماء؛ تغلب العلم على هذه المشكلة وأصبح لدينا حلًا مثاليًا ينقذ الجنين، فما هو؟
الحقنة المضادة لعامل ريسيس (AntiD)
يسميها بعضنا حقنة RH، وتحتوي على جلوبيولين مناعي (RhoGAM).
تمنع هذه الحقنة تكوين الأجسام المضادة في دم الأم.
تعطى الأم جرعتين في خلال الحمل الأول:
- الجرعة الأولى بحلول الأسبوع 28 من الحمل.
- الثانية في غضون 72 ساعة بعد الولادة.
كذلك تعطى للأم في حال تعرضها للإجهاض، أو خضوعها لبزل السائل السلوي (Amniocentesis)، أو تعرضها لنزيف في خلال مدة الحمل.
في حالات خطرة -لكنها نادرة- قد يخضع الجنين لتبديل الدم كاملًا قبل ولادته أو حتى بعدها، للتخلص من الأجسام المضادة التي وصلت إليه.
في الختام، بعد أن عرفنا كيفية وراثة فصيلة الدم، ورأينا كذلك كيف ترتبط الجينات الوراثية وفصيلة الدم بقوانين ثابتة؛ ينصح فريق كيان طب المقبلين على الزواج بضرورة إجراء اختبارات قبل الزواج.
نخص بالذكر اختبار فصيلة الدم، لتجنب حدوث أي مضاعفات قد تؤذي الجنين فيما بعد.