تعد متلازمة ليش نيهان مرضًا نادرًا، تبدأ أعراضه عادةً عند الرضع والأطفال، ويتسبب في أعراض عصبية وسلوكية خطيرة أشهرها إيذاء النفس.
فما هي متلازمة ليش نيهان؟ وكيف يمكن تشخيصها وعلاجها؟ نستكشف ذلك في السطور الآتية.
ما هي متلازمة ليش نيهان (Lesch-Nyhan Syndrome)؟
متلازمة ليش نيهان هي اضطراب وراثي وأيضي، تحدث نتيجة نقص إنزيم هيبوكزانتين-غوانين فوسفوريبوزيل ترانسفيراز (HGPRT)، وغالبًا ما تصيب الذكور.
يؤدي هذا النقص إلى خلل في أيض حمض البوليك (Uric Acid)، ويزداد إنتاجه في الدم؛ الذي يمكن أن يؤدي إلى التهاب المفاصل النقرسي، كذلك حصوات الكلى والمثانة.
تظهر متلازمة ليش نيهان على شكل مجموعة من الأعراض العصبية، يشمل ذلك: حركات العضلات اللاإرادية غير الطبيعية، وعدم قدرة أغلب المصابين على المشي.
كذلك ربما تلاحظ سلوكيات إيذاء النفس، مثل: ضرب الرأس، وقضم الأظافر.
أسباب متلازمة ليش نيهان
تحدث متلازمة ليش نيهان بسبب طفرة في الجين المسئول عن إنتاج إنزيم هيبوكزانتين-غوانين فوسفوريبوزيل ترانسفيراز (HGPRT)؛ مما يعيق إنتاجه.
يلعب هذا الإنزيم دورًا هامًا في إعادة تدوير البيورينات (Purines)، وهي العناصر المكونة للمادة الوراثية في الجسم.
نتيجة لهذه الطفرة تتكسر البيورينات ولا يعاد تدويرها، وتؤدي إلى تراكم مستويات عالية من حمض البوليك في الجسم.
ينتقل مرض ليش نيهان إلى الأبناء من خلال كروموسوم X، الذي يمتلك منه الذكر نسخة واحدة، بينما الأنثى نسختان؛ لذلك فهو غالبًا ما يُصيب الذكور.
يظن العلماء أن نقص هذا الإنزيم يرتبط بأسباب غير معروفة بنقص مادة الدوبامين في المخ، التي تؤدي إلى التأثيرات العصبية لهذه الحالة.
أعراض متلازمة ليش نيهان
عادةً ما تظهر الأعراض عندما يبلغ الطفل عمر الستة أشهر، وتشمل:
الرمل البرتقالي (Orange Sand)
يظهر في الحفاضات عند الرضع ترسبات برتقالية اللون لدى المصابين بهذه الحالة، ذلك نتيجة الإنتاج الزائد لحمض البوليك (Uric Acid).
حصوات اليورات (Urate Stones)
ربما يصاب الأطفال أيضًا بحصوات اليورات بالكلى، مما يؤدي إلى ظهور الدم في البول، وربما يزيد خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية.
ألم المفاصل وتورمها
يمكن أن تتكون بلورات اليورات في المفاصل عند المراهقين والبالغين إذا لم يعالَجوا، مما يؤدي إلى ألم وتورم يشبه النقرس.
رواسب الغضروف
غالبًا ما يتجمع لدى الأطفال الأكبر سنًا رواسب لحمض اليوريك (Uric Acid) في الغضاريف، عندما تتسبب في انتفاخات في الأُذنين تسمى هذه الحالة تُوَف (Tophi)، أو عقد أو عقيدات.
تأخر النمو
يعاني الرضع والأطفال الصغار غالبًا تأخر مظاهر التطور الحركي، مثل: الجلوس والزحف والمشي.
تشنج العضلات
يعاني المصاب تشنجات عضلية شديدة تؤدي إلى تقوس الظهر، ويمكن أن ينحني الرأس والكعب إلى الخلف، كذلك يُلاحَظ تصلب الأوتار.
الكنع الرقصي (Choreoathetosis)
الكنع الرقصي تخلف حركي نفسي لا إرادي، إذ يؤدي المصاب حركات متكررة بلا هدف، ويمكن أن تشمل التجهم ورفع الكتف وخفضه، كذلك ثني الأصابع.
خلل التوتر العضلي (Dystonia)
اضطراب حركي يتسبب في حركات التواء لا إرادية في الذراعين والساقين.
نقص التوتر العضلي (Hypotonia)
يعاني الرضع ضعف نمو مجموعات عضلية معينة؛ مما يؤدي أحيانًا إلى عدم القدرة على رفع الرأس.
فرط التوتر العضلي (Hypertonia)
يفقد المريض القدرة على التحكم بالعضلات، ويحدث تشنجات بها، وربما يكون مصحوبًا بتصلب العضلات.
صعوبة البلع (Dysphagia)
غالبًا ما يعاني الأطفال والرضع عدم القدرة على البلع جيدًا.
عُسر الكلام (Dysarthia)
التهتهة أو عدم القدرة على نطق الكلمات أو التحدث جيدًا.
تشويه الذات
يُظهر ما يقرب من 85% من المصابين سلوكيات تشويه الذات، مثل عدم القدرة على مقاومة عض الشفة أو اليد أو الأصابع، أو ضرب الرأس.
تظهر هذه الأعراض عادةً بين سن عامين إلى ثلاثة أعوام.
التشوهات السلوكية
ربما يعاني بعض الأطفال المصابين صعوبةً في التحكم في السلوكيات، ويكونون عرضةً للصراخ والهياج.
تشخيص متلازمة ليش نيهان
يخضع المريض لفحص سريري كامل، يتضمن التاريخ العائلي، والأعراض التي يعانيها.
يوصي الطبيب بإجراء بعض الفحوصات للتأكد من التشخيص، مثل: فحص نسبة حمض البوليك (Uric Acid) في الدم؛ نظرًا لأنه السمة الشائعة لهذا المرض.
كذلك إجراء بعض الاختبارات الجينية لاكتشاف حدوث الطفرة الجينية المسببة للمرض.
ينبغي إجراء فحص جيني قبل الحمل أو التلقيح الصناعي إذا كانت الأم حاملةً للمرض، كذلك يمكن إجراء هذا الاختبار قبل الولادة.
علاج متلازمة ليش نيهان
يختلف علاج متلازمة ليش نيهان باختلاف الأعراض التي يعانيها المريض، لذلك يتعاون أكثر من طبيب من تخصصات مختلفة في وضع خطة علاجية ملائمة، ربما تشمل:
- طبيب أطفال.
- اختصاصي عظام.
- اختصاصي العلاج الطبيعي.
- كذلك اختصاصي تعديل السلوك.
لا يوجد علاج نهائي لهذه الحالة، لكن يمكن لبعض العلاجات المساهمة في تحسن الحالة، ونذكر منها:
الوبيورينول (Allopurinol)
يساعد هذا الدواء على خفض مستويات حمض البوليك المفرطة (Uric Acid)، لكنه لا يعالج أيًا من الأعراض العصبية أو الجسدية مباشرةً.
تفتيت الحصاة بموجات صادمة من خارج الجسم (ESWL)
تستخدم موجات صدمية منخفضة التردد عالية الطاقة، تُرسل عبر الجلد لاستهداف حصوات الكلى.
تؤدي إلى تكسير الحصوات إلى قطع صغيرة حتى تصبح “غبارًا حصويًا”، بما يكفي لتمريرها من خلال البول.
يعد إجراءً غير جراحي لا يستلزم المكوث في المستشفى مدةً طويلةً.
البنزوديازيبين (Benzodiazepine) والديازيبام (Diazepam)
توصف هذه الأدوية غالبًا للمساهمة في علاج التشنج المرتبط بهذه المتلازمة، كذلك يمكنها أن تساعد على علاج أي قلق مصاحب للحالة.
باكلوفين (Baclofen)
يساعد هذا الدواء على علاج التشنج، ويساهم أيضًا في معالجة بعض الأعراض السلوكية.
القيود
يمكن استخدام قيود جسدية، مثل: قيود الوركين والصدر والمرفقين في الأطفال الذين يعانون متلازمة ليش نيهان؛ لمنع سلوكيات تشويه الذات.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام واقيات الفم لمنع إصابات العض.
ختامًا، تؤثر متلازمة ليش نيهان في نمط الحياة اليومية للمصاب، كذلك المحيطين به؛ لذلك ينبغي على أهل المريض طلب الدعم من المتخصصين أو مجموعات الدعم النفسي.
ينبغي كذلك على مريض هذه المتلازمة المتابعة الطبية الدورية والمستمرة للسيطرة على الأعراض، والقدرة على ممارسة الحياة أفضل.