يعاني رضيعي منذ أيام مرض القلاع الفموي، وتوجد تراكمات بيضاء على لسانه وخديه.
ظننتها في البداية ترسبات من لبن رضاعته، لكن لا يمكن إزالتها، بالإضافة إلى معاناة طفلي الآلام ورفضه الرضاعة.
يعاني أغلب الأطفال وكبار السن كذلك فطريات الفم أو ما يعرف بمرض القلاع الفموي.
لمعرفة ما هو، وما مسبباته؟ وطرق علاجه والوقاية منه، إليك -عزيزي القارئ- هذا المقال الذي يعد ملفًا شاملًا عن الموضوع.
ما مرض القلاع الفموي؟
يعرف كذلك بداء المبيضات الفموي (Oral Candidiasis)، ويعد عدوى فطرية يسببها فطر المبيضات البيضاء (Candida Albicans).
يوجد طبيعيًا داخل فم الإنسان دون أن يسبب أي مشكلات صحية، كذلك يسبب هذا الفطر أحيانًا مرض القلاع المهبلي لدى النساء.
لكن عندما يتكاثر على غير العادة يتراكم داخل الفم ويسبب مرض القلاع الفموي (Oral Thrush).
تحدث هذه العدوى على شكل أجزاء بيضاء وكريمية توجد على اللسان أو جانبي الخدين، وتنتشر أحيانًا إلى مؤخرة الحلق واللوزتين وأجزاء أخرى.
يمكن أن يعاني أي شخص عدوى القلاع، إلا إنها تصيب غالبًا الأطفال وكبار السن، كذلك تصيب الأشخاص ذوي الحالات الصحية التي تُضعِف المناعة، مثل مرضى السكري.
عادةً يعد القلاع الفموي مرضًا بسيطًا ما دامت مناعة الشخص قوية ويختفي بالعلاج.
لكن قد تكون هذه العدوى من المشكلات الخطرة لأصحاب المناعة الضعيفة؛ إذ قد تنتقل إلى بعض أجزاء الجسم وتسبب مضاعفات خطرة.
ما اسباب القلاع الفموي؟
يوجد فطر المبيضات البيضاء بنسبة معينة ضمن الكائنات الحية الدقيقة، التي تعيش في جسم الإنسان دون أن تسبب أي مشكلات صحية.
من الأماكن التي يوجد بها فطر المبيضات البيضاء الجهاز الهضمي وسطح الجلد، والفم؛ إذ يوجد فطر المبيضات تقريبًا بداخل فم 75% من سكان الأرض.
لا تحدث أي مشكلة ما دام هناك توازن بين معدل تكاثر الكائنات الحية في جسم الإنسان، ويمتلك الشخص جهاز مناعة قويًّا.
لكن إذا فُقد هذا الاتزان بسبب بعض الحالات الصحية أو تناول بعض الأدوية؛ يتكاثر الفطر سريعًا وبمعدل غير طبيعي مسببًا مرض القلاع الفموي.
إذًا، ما الحالات التي يزيد فيها خطر الإصابة بمرض المبيضات الفموية؟
عوامل زيادة خطر الإصابة
مثلما ذكرنا أن مرض القلاع يشيع عند بعض الأشخاص ممن يعانون ظروفًا وعوامل مساعدة على نمو الفطر على غير المعتاد.
من أهم هذه العوامل التي تعد عاملًا قويًا لزيادة خطر الإصابة، ما يأتي:
المضادات الحيوية
يساعد تناول أدوية المضاد الحيوي كثيرًا على قتل البكتيريا التي تخلق توازنًا مع الفطريات الموجودة بفم الإنسان.
عندما يقل عدد البكتيريا بسبب المضاد الحيوي، يعطي ذلك فرصةً كبيرةً لفطر المبيضات البيضاء للنمو دون سيطرة ليسبب العدوى.
ضعف الجهاز المناعي
يُعد الشخص الذي يعاني بعض الحالات المرضية التي تُضعف جهاز المناعة، أكثر عرضةً لحدوث القلاع الفموي.
من الحالات المهمة التي تضعف المناعة، السرطان وعلاجه، وأيضًا الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).
كذلك زرع الأعضاء وتناول الأدوية المثبطة للمناعة يقلل كفاءة الجهاز المناعي كثيرًا؛ فيعطي فرصة أكبر لحدوث العدوى الانتهازية (Opportunistic infection).
مرض السكري
يُعد عاملًا قويًا للإصابة إذا لم يراعِ الشخص مستوى سكر الدم المناسب لديه، أو لم يتناول الأدوية بانتظام تجنبًا لحدوث المضاعفات بانتظام.
الستيرويدات
يؤدي زيادة استخدام الكورتيزونات طويلًا إلى ضعف الجهاز المناعي، لذلك تحدث الإصابة بمرض القلاع الفموي.
إذ يعد استخدامها باستمرار دون مضمضة الفم بالماء بعد الاستخدام من أهم اسباب القلاع الفموي المتكرر.
لذلك يجب استخدامها دائمًا تحت إشراف الطبيب المعالج.
أطقم الأسنان
قد تكون عاملًا مساعدًا للإصابة إذا لم يهتم الشخص بنظافة طقم الأسنان، أو خلعه قبل النوم.
جفاف الفم
قد يساعد تناول بعض الأدوية على حدوث جفاف الفم وقلة إفراز اللعاب؛ مما يزيد فرص الإصابة.
كثرة استخدام غسول الفم
إذ يؤدي كثرة الاستخدام إلى قتل البكتيريا، التي تخلق توازنًا داخل فم الإنسان مع المبيضات.
التدخين
تجعل كثرة التدخين الشخص أكثر عرضة للإصابة بمرض القلاع الفموي.
أعراض القلاع الفموي
في البداية، قد لا يلحظ الشخص المصاب أي أعراض، لكن بتقدم العدوى تحدث بعض الأعراض، ومن أهمها:
- تقرحات بيضاء كريمية توجد في جانبي الخدين واللسان، كذلك سقف الحلق واللثة واللوزتين.
- تظهر هذه التقرحات مرتفعة قليلًا عن سطح الجلد لتعطي مظهر الجبن القريش.
- احمرار وحرقان بالفم وصعوبة الأكل.
- الشعور بملمس القطن داخل الفم.
- إذا كشطت هذه الطبقة البيضاء؛ قد يحدث نزيف بسيط.
- تشقق زوايا الفم وجفافها.
- قد يحدث فقدان لحاسة التذوق في بعض الأحيان.
في الحالات الشديدة قد تصل العدوى إلى المريء لتسبب أعراضًا مؤلمة أكثر إلى حد ما، مثل:
- صعوبة شديدة جدًا عند البلع.
- الشعور بأن الطعام عالقًا في الحلق.
أعراض القلاع الفموي عند الرضع
ذكرنا سابقًا أنه يشيع الإصابة بمرض القلاع الفموي عند الرضع، وتظهر الأعراض مثلما يأتي:
- تراكم الفطريات وتكون أجزاء بيضاء داخل الفم مسببةً الألم.
- يرفض الطفل الرضاعة أحيانًا بسبب ذلك الألم.
- كذلك يصبح الطفل شديد الانزعاج، وسريع الانفعال بسبب ما يواجهه من آلام.
لكن قد يكون السؤال الذي يدور في الأذهان الآن، هل تنتقل العدوى من الطفل إلى الأم عند الرضاعة؟
أو يمكن أن يطرح السؤال بطريقة أخرى؟
هل مرض القلاع الفموي معدي؟
نعم، مرض القلاع معدٍ؛ إذ يمكن أن تنتقل العدوى من فم الطفل إلى الأم عند الرضاعة.
كذلك إذا كانت الأم هي المصابة أولًا، يمكن أن تنتقل العدوى من الأم إلى الطفل كذلك.
يُسبب فطر المبيضات الإصابة لمناطق أخرى من الجسم، لذلك يمكن أن تنقل الفطريات من مكان إلى آخر مسببةً العدوى لنفس الشخص لكن بمنطقة أخرى.
قد يحدث انتقال للعدوى من الأم الحامل المصابة بمرض القلاع المهبلي إلى الطفل عند الولادة.
لكن يجب الانتباه أن حدوث عدوى القلاع الفموي لا تعني دائمًا انتقالها من شخص إلى آخر.
هل يسبب القلاع ارتفاع الحرارة؟
الإجابة نعم، قد يسبب القلاع الفموي ارتفاع درجة الحرارة إذا انتقلت العدوى خارج المريء.
تشخيص مرض القلاع الفموي
لا يحتاج تشخيص عدوى القلاع إلى فحوص أو تحاليل معملية في أغلب الأحيان؛ إذ يستطيع الطبيب تشخيص العدوى بمجرد النظر إلى فم المريض وطرح بعض الأسئلة.
لكن قد تحتاج بعض الحالات إلى أخذ مسحة من الفم لإجراء بعض التحاليل.
إذا كان سبب القلاع مرضًا آخرًا أو تناول بعض الأدوية، يتعامل الطبيب بناءً على هذا؛ إذ يكون علاج السبب الرئيس الحل الأمثل.
المضاعفات
عادةً لا يسبب مرض القلاع الفموي مضاعفات في الأشخاص الأصحاء.
لكن عند ضعف الجهاز المناعي قد تحدث بعض المضاعفات الخطرة، مثل عدوى المبيضات الغازية (Invasive or Systemic Candidiasis).
إذ تنتقل العدوى إلى القلب أو المخ وغيرهما من الأعضاء؛ مما قد يسبب إصابة الجسم بما يعرف بالصدمة الإنتانية (Septic Shock)، وهي حالة طبية قد تهدد الحياة.
العلاج
يعالج مرض القلاع الفموي مثلما يأتي:
علاج القلاع الفموي بالأدوية
تعالج عدوى القلاع الفموي باستخدام مضاد للفطريات.
عادةً تعالج الحالات البسيطة إلى المتوسطة علاجًا موضعيًا باستخدام مضاد فطريات داخل الفم، ويستخدم من 7 إلى 14 يومًا.
من أهم مضادات الفطريات المستخدمة، ما يأتي:
- النيستاتين (Nystatin).
- الكلوتريمازول (Clotrimazole).
- ميكونازول (Miconazole).
يشيع علاج العدوى الشديدة باستخدام دواء آخر يسمى فلوكونازول (Fluconazole)، ويؤخذ بالفم أو يحقن بالوريد.
إذا لم تتحسن الحالة بعد استخدام الفلوكونازول أو لم يستطع المريض تناوله، قد يصف مقدم الرعاية الصحية دواءً آخرًا طبقًا للحالة.
علاج مرض القلاع الفموي بالاعشاب
بالإضافة إلى الأدوية تساعد بعض الأعشاب أو العلاجات المنزلية على تخفيف الأعراض والمساعدة على العلاج، ومن أهمها:
عصير الليمون
لصفاته المطهرة والمضادة للفطريات، يساعد الليمون على علاج القلاع.
يُعصر نصف ليمونة على كوب ماء، ويمكن شربه أو استخدامه غسولًا للفم.
الكركم
يحتوي على الكركمين المعروف بخواصه المضادة للالتهابات.
القرنفل
شاع استخدامه الشعبي لحل مشكلات الأسنان، ولا يزال يستخدم إلى الآن مسكنًا ومطهرًا للأسنان.
خل التفاح
طبقًا لإحدى الدراسات، يوجد لخل التفاح خصائص مضادة للفطريات ضد المبيضات.
لأن الوقاية دائمًا خير من العلاج، إليك -عزيزي القارئ- بعض التدابير التي تساعد على وقايتك من هذه العدوى.
الوقاية من عدوى القلاع الفموي
تساعد بعض الإرشادات على الوقاية من الإصابة بعدوى المبيضات الفموية، ومن أهمها:
- يجب المضمضة جيدًا بالماء بعد استخدام بخاخات الكورتيكوستيرويدات لمرضى الربو؛ إذ يعد استخدامها دون غسل الفم من أهم أسباب القلاع الفموي المتكرر.
- الحفاظ على صحة الفم والأسنان دائمًا، بغسل الأسنان مرتين يوميًا، واستخدام خيط الأسنان كذلك.
- خلع طقم الأسنان عند النوم، كذلك يجب المحافظة على تنظيفه دائمًا.
- يجب على مريض السكري أن يراقب طعامه ومستوى سكر الدم المناسب.
- علاج عدوى الخميرة المهبلية.
- الحرص على منع حدوث جفاف الفم، ومعالجة الحالة المسببة له.
ختامًا -عزيزي القارئ- مثلما قرأت في هذا المقال، مرض القلاع الفموي عدوى انتهازية تستغل الفرصة إذا وُجِد ضعفًا في جهاز المناعة لتسبب العدوى.
لذلك محافظتك على قوة مناعتك يعد حاجزًا ضخمًا بينك وبين إصابتك أو إصابة طفلك به.
اقرأ أيضًا
السعال الديكي | أعراضه وطرق علاجه وتطعيماته
تعرف إلى ملخ الولادة | أسبابه وأنواعه وطرق علاجه