أتتعدد الأمراض الجينية الموروثة بين الأطفال، ويصيب بعضها الذكور وبعضها الإناث أو كليهما، ولعل من أشهرها متلازمة كروموسوم X الهش ومتلازمة داون وغيرها.
سنتناول في هذا المقال بعض من هذه الأمراض وأسبابها، وطرق تشخيصها.
متلازمة كروموسوم اكس الهش
تنتج من اضطراب وراثي إثر حدوث تغيرات في جين معين، أُطلق عليها اسم جين (FMR1)، وهو جين مسؤول عن تصنيع بروتين (Fragile Mental Retardation Protein).
يعد هذا البروتين (FMRP) المسؤول عن نمو الدماغ؛ لذا يعجز الأشخاص المصابون بمتلازمة كروموسوم X الهش عن تصنيع هذا البروتين.
يصيب هذا المرض كلًا من الذكور والإناث، لكن عادةً ما يصيب الذكور بنسبة أكبر وأعراض أقوى، ويواجه الأشخاص المصابون مشكلات النمو والتعلم.
تُعرف هذه المتلازمة كذلك بالآتي:
- متلازمة FRAXA.
- ماركر X.
- متلازمة مارتن بيل.
- التأخر العقلي المرتبط بكروموسوم X.
أسباب حدوث متلازمة كروموسوم X الهش
يوجد نوعان من الكروموسومات المسؤولة عن تحديد جنس الإنسان، وهما:
- كروموسوم X.
- كروموسوم Y.
تتميز الإناث بوجود زوج من كروموسومات X فتكون (XX)، بينما يوجد في الذكور كروموسوم X وكروموسوم Y فيكون (XY).
يحدث في هذه المتلازمة خلل في جين FMR1 الموجود على كروموسوم X؛ إذ يمنع هذا الخلل الجين من ممارسة دوره في تصنيع البروتين FMRP على نحوٍ صحيح.
يلعب بروتين (FMRP) دورًا هامًا في عمل الجهاز العصبي ونمو الدماغ، لكن لم تحدد وظيفته بعد، كذلك يتسبب نقصه في ظهور الأعراض.
تزداد احتمالية توارث المرض للأبناء من الإناث أكثر من الذكور؛ فيورث الذكور بناتهم فقط هذا المرض، على عكس الإناث اللاتي تورثه لكلٍ من الذكور والإناث، ويُعرف هذا التوارث باسم (X-Linked).
الأعراض
تتسبب متلازمة كروموسوم اكس المكسور في حدوث صعوبات في التعلم وتأخر النمو، وظهور مشكلات اجتماعية وسلوكية.
تختلف حدة الأعراض بين الذكور والإناث، فيعاني الذكور مستوى معين من الإعاقة الذهنية، بينما تعاني الإناث مشكلات ذهنية أو صعوبات التعلم أو كليهما.
يمتلك عديد من الأطفال المصابين معدل ذكاء طبيعي؛ إذ تُشخص حالتهم فقط في حالة ظهور إصابة لأحد أفراد العائلة.
كذلك يُظهر الأشخاص المصابون بمتلازمة كروموسوم X الهش عدة أعراض، مثل:
- تأخر النمو، مثل: زيادة الوقت المستغرق في الجلوس أو المشي أو التحدث، مقارنة بغيرهم من الأطفال في مثل أعمارهم.
- تهتهة.
- القلق العام أو الاجتماعي.
- التوحد.
- الاندفاع.
- صعوبة الانتباه.
- فرط الحركة.
- التشنجات.
- اكتئاب.
- أرق.
- اضطرابات اجتماعية، مثل: تجنب حدوث اتصال بالعين أو عدم الرغبة في لمسهم وتعثر في فهم لغة الجسد.
- الحساسية الشديدة للضوء أو الصوت.
كذلك تظهر أعراض جسدية، مثل:
- بروز الفك.
- وجه طويل.
- تضخم في الأذن أو الجبهة أو الذقن.
- مرونة المفاصل.
- أقدام مسطحة.
- تضخم الخصيتين (بعد البلوغ).
- الوصول لسن اليأس في وقت أبكر من المعتاد وصعوبة الحمل.
مشكلات صحية، مثل:
- خلل السمع.
- اضطراب الرؤية.
- أمراض قلبية.
كيفية تشخيص متلازمة كروموسوم X الهش
يختلف عمر التشخيص في الأولاد عن الفتيات؛ إذ يكون:
- بين 35-37 شهرًا في الأولاد.
- 41.6 شهرًا في الفتيات.
كذلك تظهر أعراض تأخر النمو أو أعراض خارجية أخرى، مثل: كبر محيط الرأس أو تغير الملامح الخارجية في سن مبكر.
يجب اختبار الطفل في حالة ظهور تاريخ عائلي لمتلازمة كروموسوم X الهش، كذلك تُشخص بعد الولادة.
يكون التشخيص بواسطة:
اختبار DNA
يُعرف باختبار (FMR1 DNA) إذ يبحث الأطباء عن التغيرات في جين FMR1، ويُؤخذ الإجراء المناسب اعتمادًا على النتائج.
يوصى بإجراء اختبار الحمض النووي في حالة:
- وجود تاريخ مرضي بالعائلة.
- الرجال والنساء فوق الخمسين، الذين يعانون خللًا في التوازن أو الرعاش.
- انقطاع الطمث قبل الأربعين.
- النساء اللاتي لديهن تاريخ عائلي من قصور المبيض.
كذلك يمكن إجراء الاختبارات في أثناء الحمل، مثل:
اختبار بزل السُلى (Amniocentesis)
يفحص الأطباء عينة من السائل الأمنيوسي لدراسة التغيرات في جين (FMR1).
أخذ عينة من خلايا المشيمة (Chorionic Villus Sampling)
يفحص الأطباء عينة من خلايا المشيمة لفحص التغيرات في جين (FMR1).
يُفضل التشخيص المبكر لمتلازمة كروموسوم X الهش؛ لسرعة التدخل ومساندة الطفل المصاب وحصوله على أقصى مساعدة.
لا تظهر الأعراض على الأطفال المصابين بمتلازمة كروموسوم X الهش بعد الولادة مباشرةً، لكن قد يلاحظ الطبيب كبر حجم رأس الطفل عندما يكبر.
عند ظهور شخص مصاب في العائلة بهذه المتلازمة، يجب اختبار باقي أفراد العائلة لتحديد وجود إصابة بهم أم لا، ويسمى ذلك باختبار التعاقب (Cascade Testing).
العلاج
يهدف العلاج إلى مساعدة الشخص المصاب بمتلازمة كروموسوم X الهش (Fragile x syndrome) على تعلم اللغة الأساسية والمهارات الاجتماعية، وليس علاج كامل.
يكون العلاج كالآتي:
- علاج اضطرابات النطق واللغة.
- العلاج المهني للمساعدة على المهام اليومية.
- العلاج السلوكي.
- أدوية لمنع النوبات وعلاج اضطراب نقص الانتباه.
كذلك يمكن وصف الأدوية المستخدمة في علاج اضطرابات السلوك، مثل اضطراب نقص الانتباه (ADD) أو في حالات القلق، مثل:
- ميثيل فينيدات (Methylphenidate).
- جوانفاسين (Guanfacine).
- كلونيدين (Clonidine).
- مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)، مثل: سيرترالين (Sertraline)، إسيتالوبرام (Escitalopram)، دولوكسيتين (Duloxetine)، باروكسيتين (Paroxetine).
متلازمة كلاينفيلتر
تُعرف بمتلازمة XXY، تظهر في الذكور نتيجة توارث كروموسوم X إضافي- سواءً من البويضة أو الحيوان المنوي- فبدلًا من تواجد XY يكون XXY.
تختلف الأعراض باختلاف العمر، وتشمل:
المراهقون
تتضمن الأعراض ما يأتي:
- يصبح أطول من المعتاد.
- أرجل أطول أو جذع أقصر مقارنةً بقرنائه.
- تأخر البلوغ.
- قلة العضلات وشعر الوجه والجسم بعد البلوغ.
- صغر حجم الخصيتين.
- صغر حجم العضو الذكري.
- تضخم أنسجة الثدي.
- ضعف العظام.
- نقص مستويات الطاقة.
- الخجل أو الحساسية.
- عسر القراءة والكتابة.
الرجال
تشمل الأعراض ما يأتي:
- نقص عدد الحيوانات المنوية أو انعدامها.
- زيادة دهون البطن.
- تضخم الثدي.
- ضعف العظام.
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- صغر حجم الخصيتين.
- صغر حجم العضو الذكري.
- قلة شعر الوجه والجسم.
المضاعفات
تزيد متلازمة XXY خطر:
- هشاشة العظام.
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- سرطان الثدي.
- أمراض الرئة.
- اضطرابات المناعة الذاتية.
- مشكلات الأسنان.
- القلق أو الاكتئاب.
- اضطراب طيف التوحد.
ترتبط متلازمة كلاينفلتر باضطراب طيف التوحد، كذلك يوجد ارتباط وثيق بين متلازمة كروموسوم إكس الهش واضطراب طيف التوحد.
متلازمة XYY
تتميز بوجود نسخة إضافية من كروموسوم Y في كل خلية من خلايا الذكور، فيزيد متوسط الطول عن المعتاد، لكنها لا تؤثر في معدل إنتاج التستوستيرون.
يكون الذكر غالبًا قادرًا على الإنجاب ولا تتسبب في ظهور سمات جسدية غير عادية، لكن ترتبط متلازمة XYY ببعض الأعراض، مثل:
- زيادة مخاطر إعاقات التعلم.
- تأخر نمو المهارات الحركية، مثل: الجلوس أو المشي.
- ضعف العضلات.
- تشنجات.
- اضطرابات سلوكية أو اجتماعية أو عاطفية.
- اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).
- اضطراب طيف التوحد.
تشمل السمات الجسدية ما يلي:
- زيادة دهون البطن.
- كبر الرأس.
- أقدام مسطحة.
- تباعد واسع بين العينين.
- انحناء غير طبيعي من جانب إلى جانب في العمود الفقري.
متلازمة كروموسوم 13
تعد اضطرابًا وراثيًا نتيجة وجود ثلاث نسخ من كروموسوم 13 على عكس الطبيعي، وهو وجود نسختين فقط، نتيجة انقسام غير طبيعي للخلايا.
تزداد احتمالات إنجاب طفل مصاب بهذه المتلازمة من السيدات بعد سن الخمسة وثلاثين.
قد يمتلك الطفل المصاب ثلاث نسخ من كروموسوم 13 في جميع الخلايا أو بعضها، وتعتمد حدة الأعراض على عدد الخلايا التي تحتوي على الكروموسوم الإضافي.
تُعرف هذه المتلازمة كذلك:
- متلازمة بارثولين باتو (Bartholin-Patau Syndrome).
- متلازمة التثلث الصبغي 13 (Trisomy 13 Syndrome).
يعاني الأطفال المولودين بهذه المتلازمة انخفاض الوزن عند الولادة، كذلك خللًا في بنية الدماغ.
الأعراض
تشمل الأعراض ما يلي:
- الشفة الأرنبية.
- أصابع يد أو قدم زائدة.
- مشكلات بالكلى أو الرسغ أو فروة الرأس.
- آذان منخفضة.
- صغر حجم الرأس.
- تعلق الخصية.
يتوفى حوالي 80% من الأطفال المصابين بعد بضعة أسابيع فقط من ولادتهم.
المضاعفات
تحدث مضاعفات شديدة الخطورة، مثل:
- صعوبة التنفس.
- عيوب خلقية في القلب.
- فقدان السمع.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الإعاقات الذهنية.
- مشكلات عصبية.
- التهاب رئوي.
- بطء النمو.
- صعوبة الهضم.
ختامًا، تناولنا في هذا المقال بعضًا من المتلازمات التي تلعب الجينات الوراثية دورًا هامًا في توارثها، خاصةً كروموسوم X المسؤول الأساسي في نقلها.
كذلك تناولنا الأعراض والمضاعفات والأسباب الرئيسية لكل من متلازمة كروموسوم X الهش ومتلازمة كلاينفلتر ومتلازمة كروموسوم 13.