ينتاب المرأة كثير من المشاعر عندما تعلم بخبر حملها، وتتباين تلك المشاعر بين السعادة والقلق من خطر تسمم الحمل ولا سيما إذا كانت تعاني ارتفاع ضغط الدم، أو لديها تاريخ مرضي سابق.
تظل الحامل في حالة من الترقب والخوف طوال مدة الحمل، وهي تدعو الله أن يأتي طفلها إلى الدنيا معافى وبصحة جيدة.
فهيا بنا لنعرف ما تسمم الحمل؟ وما أعراضه وأسبابه؟ وتأثير ذلك في الجنين، وعوامل الخطر والعلاج، وكيفية الوقاية منه.
ما تسمم الحمل (Eclampsia)؟
يُعد تسمم الحمل من المضاعفات الخطرة لمقدمات الارتعاج (Preeclampsia) أو ما يُعرف بما قبل التسمم.
إذ يتدهور الوضع مؤديًا إلى تسمم الحمل، وهو نادر الحدوث لكنه يُشكل خطورةً بالغةً في أثناء الحمل.
إذ يرتفع ضغط الدم مسببًا نوبات من اضطراب نشاط الدماغ، والتي بدورها تُسبب نوبات من التحديق والتشنجات وعدم الانتباه.
يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى نقص تدفق الدم إلى الجنين عبر المشيمة، وبالتالي تقل نسبة الأكسجين والغذاء الذي يحتاج إليه؛ لذلك يتعرض الجنين إلى خطر بالغ.
تُصاب واحدة من بين مئتين امرأة بالتسمم ممن يعانون مقدمات الارتعاج.
تسمم الحمل وأعراضه
قد تؤدي مقدمات الارتعاج إلى التسمم؛ لذلك ربما تعاني الحامل غالبًا نفس الأعراض.
قد تكون هذه الأعراض نتيجة مرض آخر مثل مرض السكري وأمراض الكلى؛ لذلك يجب زيارة الطبيب لتحديد السبب الرئيسي ومعالجته.
الأعراض الشائعة لمقدمات الارتعاج
تتمثل الأعراض فيما يلي:
- ارتفاع ضغط الدم.
- ظهور بروتين في البول.
- تورم الوجه أو اليدين أو القدمين.
- الصداع.
- الغثيان أو القيء.
- مشكلات في الرؤية: مثل فقدان أو ازدواج الرؤية.
- صعوبة التبول.
- آلام البطن خاصةً الجزء العلوي الأيمن.
- ضيق التنفس نتيجة وجود سوائل في الرئة.
الأعراض الشائعة لتسمم الحمل
يمكن أن تعاني المريضة أعراض مقدمات الارتعاج، كذلك يمكن ألّا تظهر عليها أي أعراض قبل حدوث تسمم الحمل، ومن أهم أعراضه الشائعة:
- نوبات مثلما ذكرنا سابقًا.
- فقدان الوعي.
- تشنجات.
أسباب تسمم الحمل
لم يتمكن الباحثون من اكتشاف السبب بعد؛ فكل حالة فريدة من نوعها وقد تشترك الحالات في بعض الأحيان في أعراض متشابهة.
لكن يوجد بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى التسمم مثل:
- مشكلات في الجهاز المناعى.
- العامل الوراثي.
- تلف الأوعية الدموية.
- عدم وصول الدم إلى الرحم بالكميات الكافية.
يشتهر الإصابة بالتسمم في الثلث الأخير من الحمل أو ما بعد الأسبوع العشرين، لكن يزيد معدل الإصابة بتسمم الحمل في الشهر التاسع.
عوامل الخطر
يوجد عوامل خطر؛ ربما تزيد فرصة الإصابة بالتسمم مع:
- الإصابة بمقدمات الارتعاج.
- الإصابة السابقة بالتسمم.
- ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل (Gestational Hypertension) أو الضغط المزمن (Chronic Hypertension).
- الإصابة بمرض السكري.
- الحمل بتوأم ثنائي أو ثلاثي.
- الإصابة بأمراض الكلى.
- الحمل قبل سن العشرين أو بعد الخامسة والثلاثين.
- الحمل الأول.
تشخيص تسمم الحمل
يبدأ التشخيص بقياس ضغط الدم، إذ يمثل معدل ضغط الدم المرتفع عن 140/90 أول مؤشر خطر خاصةً إذا استمر ارتفاع ضغط الدم عدة ساعات وكانت المرأة لا تعاني ارتفاعه قبل ذلك.
يساعد على التشخيص ظهور بعض من المضاعفات الآتية أو كلها، ما بعد الأسبوع العشرين من الحمل مثل:
- ظهور بروتين في البول.
- انخفاض عدد الصفائح الدموية.
- وجود اضطرابات بصرية.
- مشكلات في الكلى.
- تواجد سائل على الرئتين.
- تدهور في وظائف الكبد.
يحتاج الطبيب المعالج في هذه الحالة إلى بعض الاختبارات للتأكد من وجود التسمم، ومنها الآتى:
تحاليل الدم
يحتاج الطبيب إلى صورة دم كاملة ليتمكن من معرفة عدد كرات الدم الحمراء والصفائح الدموية، كذلك تُفيد تحاليل الدم في فحص وظائف الكبد والكلى.
اختبار الكرياتينين (Creatinine Test)
يُعد الكرياتينين (Creatinine) نفايات تُنتجها العضلات، وتتخلص منه الكليتان، لكن في أمراض الكلى تتراكم نسبة الكرياتينين ،وتزيد في الدم مما يُشير إلى تسمم الحمل، لكن هذه الزيادة لا تجزم بوجوده.
تحليل البول
يُجرَى هذا التحليل للتأكد من وجود البروتين في البول ومعرفة معدل إفرازه.
الأشعة فوق الصوتية (Fetal Ultrasound)
يجري الطبيب الفحص بالأشعة فوق الصوتية لمراقبة نمو الجنين، إذ يستطيع معرفة وزن الجنين وكمية السائل داخل الرحم.
اختبار عدم الإجهاد (Nonstress)
يسمى أيضًا الملامح البيوفيزيائية (Biophysical Profile)، يعتمد هذا الاختبار على فحص معدل ضربات قلب الجنين في أثناء حركاته، كذلك يستخدم لقياس معدل تنفس الجنين وتوتر العضلات.
العلاج
يعتمد العلاج على تقييم الطبيب لحالتي الأم والجنين مثلما يأتي:
يستمر الطبيب بمتابعة التطورات إلى موعد الولادة، ويراقب وضعهما جيدًا ما دامت الأمور الصحية للأم والجنين مستقرة.
لكن قد تحتاجين إلى مزيد من الفحوصات واختبارات الدم الدورية خاصةً إذا حدث تسمم الحمل في الشهر السابع .
يشمل العلاج أيضًا في هذه الحالة استخدام بعض الأدوية مثل:
أدوية خفض الضغط
يعطي الطبيب أدوية خفض ضغط الدم في حالة ارتفاع ضغط الدم بشكل خطر، وفي ظل تعدد أدوية ارتفاع ضغط الدم.
إلا إن معظمها لا يتناسب مع الحمل؛ لذا يتحدد نوع العلاج بواسطة الطبيب وفق تقييمه للحالة.
الكورتيكوستيرويدات
تحسن الكورتيكوستيرويدات وظائف الكبد والصفائح الدموية مؤقتًا مما يساعد على إطالة فترة الحمل.
تساعد أيضًا على نضوج الرئتين واكتمال نموها مما يعد الجنين للولادة تحت أي ظرف.
الأدوية المضادة للاختلاج
يصف الطبيب مضادات الاختلاج مثل: كبريتات الماغنسيوم، لتجنب حدوث النوبات خاصةً إذا كانت مقدمات الارتعاج شديدة.
أما إذا كانت الحالة متأخرة وغير مستقرة يجري الطبيب ولادة قيصرية عاجلة، حتى إذا لم يحن موعد الولادة لتجنب كثير من المخاطر للأم والجنين والمضاعفات الخطرة مثل:
- انفصال المشيمة.
- السكتة الدماغية.
- النوبات.
- النزيف.
هل تسمم الحمل يسبب الوفاة؟
من المؤسف أن تسمم الحمل يُسبب الوفاة لحوالي 50000 امرأة حول العالم سنويًا، لكن كثير من الحالات تُعالج خاصةً إذا اُكتشفت مبكرًا.
تسمم الحمل بعد الولادة القيصرية
نادرًا ما يحدث التسمم بعد الولادة، وهو غير مرتبط بارتفاع ضغط الأم في أثناء الحمل أو وجود مقدمات الارتعاج، لكن إذا حدث يتسبب في إطالة مدة التعافي بعد الولادة.
تكون أعراضه مثل التسمم في أثناء الحمل، يُتابع الطبيب الحالة وتظل تحت المراقبة الطبية المستمرة ويُعطي الأدوية اللازمة حتى تتعافى الأم تمامًا.
الوقاية من تسمم الحمل
يوجد عدة وسائل للوقاية لتجنب حدوث التسمم ،فإذا كانت الأم تعاني ارتفاع ضغط الدم أو هناك تاريخ مرضي للتسمم فعليها اتباع الآتي:
- ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي.
- تقليل نسبة الملح المضاف إلى الطعام.
- شرب كمية كبيرة من الماء يوميًا.
- تقليل نسبة الكافيين.
- أخذ قسط كافٍ من النوم.
- تجنب المشروبات الكحولية.
- تناول الأدوية اللازمة في مواعيدها.
- تجنب الأطعمة السريعة.
ختامًا، أنصح الأم بمتابعة حملها أولًا بأول وعدم إهمال أي عرض يظهر عليها، خاصةً إذا كانت تعاني ارتفاع ضغط الدم، والأخذ بوسائل الوقاية من تسمم الحمل.
عافانا الله وإياكم من كل داء ورزق الجميع ذرية طيبة سليمة معافاة.