صحة عامة
أخر الأخبار

التكيف البيولوجي | معركة البقاء للأقوى

التكيف البيولوجي

يظن البعض أن هيمنة كائن حي على النظم البيئية يساعده على البقاء، لكن هذا ليس صحيحًا، فالتكيف البيولوجي من أهم العوامل التي تساعد على البقاء.

لقد هيمنت الديناصورات على الأرض في جميع أنحاء العالم منذ أكثر من 165 مليون عام، وحدث العكس تمامًا.

ساهم الانتشار الواسع للديناصورات في أنحاء الأرض إلى فنائها بسبب قلة تواصلها وتكاثرها؛ لذلك تراجعت أعدادها بشدة وانقرضت.

 

معنى التكيف في علم النفس

التكيف يعني قدرة الفرد على مواكبة التغيرات والأحداث والمعلومات والثقافات الجديدة، التي تُمكِّنه من التطور المستمر والنمو العقلي.

 

تعريف التكيف البيولوجي

هو العملية التي يستطيع من خلالها الكائن الحي مواكبة وملائمة البيئة المحيطة به، نتيجةً للانتقاء الطبيعي عبر عدة أجيال.

تتكيف الكائنات الحية مع بيئاتها بعدة طرق متنوعة سواءً في بنيتها أو في وظائف الأعضاء، أو في وسائل دفاعها وهجومها، وتكاثرها وتطورها ونواحٍ أخرى.

 

أمثلة للتكيف

تستطيع الكائنات الحية التكيف مع البيئة بعدة أساليب، مثل:

التكيف البيولوجي الذي تَسبَّب في تغيير وظائف الجسم في الأشخاص الذين يعيشون على ارتفاعات شاهقة.

نجد أنه حدث تغير كيميائي بأجسادهم؛ بسبب استنشاقهم لهواء تقل فيه نسبة الأكسجين لنسبة تصل إلى 40 % عن مستوى سطح البحر.

يمكن لمعظم البشر التكيف مع هذا الهواء من خلال زيادة نسبة الهيموجلوبين، وعلى الرغم من خطورة ارتفاع نسبته إلا إنه حل مؤقت لمواكبة نقص الأكسجين.

لكن وُجد أنه نتيجة لبقاء هؤلاء الأشخاص على قيد الحياة مدة طويلة على هذه القمم، ظهرت طفرات جينية تطورت بداخل أجسادهم.

نتيجةً لذلك تمكنت أجسامهم من استخدام الأكسجين بصورة أكثر فاعلية، دون الحاجة لزيادة نسبة الهيموجلوبين في الجسم.

تُظهر أيضًا الكائنات تكيفًا سلوكيًا، ولعل أشهر الأمثلة لذلك:

تجمع طيور البطريق في قارة أنتاركتيكا معًا لمشاركة الدفء في منتصف فصل الشتاء.

كذلك تكيف الزرافات على مر العصور مع مشكلة نقص الغذاء في الأشجار القصيرة، ذلك من خلال مد أعناقها لتتمكن من الوصول إلى الأغصان الأعلى.

توارثت صفة العنق الطويل للزرافة عبر الأجيال؛ فتمكنت من البقاء وقت كافٍ للتكاثر، ذلك ما أثبته المفكر الفرنسي جان باتيست لامارك (Jean-Baptiste Lamarck) في نظريته.

 

التكيف البيولوجي عبر العصور

نجد بعض الأسماك التي تعيش في درجات حرارة منخفضة، تحتوي على بعض الأنواع من البروتينات المضادة لعملية التجمد تسمح لها بالسباحة دون تعرضها للتجمد.

كذلك اتجاه النباتات نحو الشمس للحصول على القدر الكافي من الضوء وأداء عملياتها الحيوية.

أيضًا تكيف الجمال في الصحراء مع الجوع والعطش وقدرتها على تخزين المؤن؛ بسبب احتواء أجسامها على السنام.

تتمكن الجمال من تخزين حوالي 36 كيلو جرامًا من الدهون تُكسر عند الحاجة وتُستخدم كطاقة وماء، فيتمكن الجمل من تحمل السفر لمسافاتٍ طويلة.

كذلك التكيف البيولوجي الحادث للدب القطبي نتيجةً للبرودة الشديدة بالقطب الشمالي وعدم وجود أشجار لصد الرياح.

لذلك يمتلك فراءً أبيض مماثل للون بيئته، يساعده على عملية التمويه.

 

أنواع التكيف

توجد ثلاثة أنواع أساسية من التكيفات، هي: التكيفات الهيكلية والتكيفات السلوكية والتكيفات الفسيولوجية.

التكيفات الهيكلية

أنواع التكيف
أنواع التكيف

يتضمن هذا النوع من التكيف الخصائص الفيزيائية للكائن الحي، التي تساعده على البقاء في البيئة.

مثال لذلك عملية التمويه التي تحدث في بعض الحيوانات، إذ يحدث تغير في لون أجسامهم؛ بغرض الاندماج في بيئتهم.

يحميهم ذلك من الحيوانات المفترسة التي تستهدفهم، وتزيد فرص بقائهم على قيد الحياة، مثل الحرباء.

التكيفات السلوكية

هو حدوث تغير في سلوك الكائن الحي بسبب البيئة المحيطة أو بسبب سلوكيات الفصائل الأخرى.

عادةً لا تورث بل يتعلمها كل كائن على مدار حياته.

مثال: تجمد الأرنب عند شعوره بالخطر أو وجود حيوان مفترس، كذلك حدوث تغيرات في بعض العادات، مثل الهجرة أو التكاثر أو التغذية لدى بعض الكائنات.

التكيفات الفسيولوجية

يتضمن هذا النوع من التكيف التغيرات الجسدية، مثل:

حدوث تغير في كيمياء الجسم لدى الأسماك التي تعيش في مياه أكثر حمضية.

 

تكيف الإنسان

غالبًا ما تحدث عديد من التكيفات في الإنسان بعد الهجرة إلى بيئات جديدة، فكلما زادت قدرة الشخص على التكيف، زادت فرصته في البقاء.

هذا ما أثبتته فحوصات الأحماض النووية لبعض الأشخاص الذين يعيشون في بيئات ذات ظروف خاصة وحدوث هذا التكيف.

تستجيب أجسامنا بصورة سهلة وجيدة لهذه التغيرات البيئية، سواء بيولوجيًا أو ثقافيًا.

يمكن للإنسان التأقلم مع الحرارة والرطوبة ونقص الأكسجين في الارتفاعات العالية.

تستمر استجابة الإنسان فسيولوجيًا للضغوطات الداخلية والخارجية، مثل الفيروسات والعدوى البكتيرية واختلال التوازن البيئي.

تعد القدرة على التكيف السريع مع الظروف المحيطة المتغيرة سببًا في زيادة فرص الانتشار للإنسان، والعيش في مختلف البيئات وفي معظم مناطق العالم.

يستوطن الإنسان اليوم الغابات الاستوائية الرطبة والصحارى الجافة القاحلة، ومناطق القطب الشمالي وحتى الأماكن شديدة الاكتظاظ بالسكان.

كذلك تكيف الإنسان مع وجود كميات كبيرة من التلوث في الماء والهواء، أيضًا زادت قدرة الإنسان على كسب معركة البقاء حتى وقتنا هذا.

لكن على النقيض نجد اقتصار وجود بعض الحيوانات والنباتات في بيئات محدودة وعدم انتشارها.

يرجع ذلك إلى عدم قدرتها على التكيف ومواكبة التغير البيئي.

 

ختامًا، يعد التكيف بأنواعه سواء التكيف البيولوجي أو غيره، ضروريًا لبقاء الكائنات الحية على قيد الحياة.

سيظل البقاء للأقوى والأصلح والقادر على مواجهة ومواكبة التغيرات المحيطة.

أثبتت النظريات أن هذه الجينات المحورة تنتقل عبر الأجيال، مما يعرف بالانتقاء الطبيعي.

استطاعت عديد من الكائنات الحية التكيف مع البيئة المتغيرة حولها، بينما فشل البعض الآخر في مواكبة هذا التكيف وواجه مصيره الحتمي بالانقراض.

على الرغم من تمكن الإنسان من مواجهة كل هذه التغيرات والتحديات حتى الآن، فهل يستطيع مواجهة ما هو قادم؟

 

اقرأ أيضًا

الهيموفيليا | أنواعها وأسبابها وطرق الوقاية منها

مرض دوشين | مرض نادر هل له من علاج؟!

 

بواسطة
د. وسام جمال
المصدر
britannicanationalgeographicbiologyonlinelumenlearning

د. وسام جمال الدين

أنا وسام، تخرجت من كلية الصيدلة جامعة القاهرة ودرست التغذية الإكلينيكية، ثم درست الترجمة الطبية وكتابة المحتوى واستطعت أخيرًا دمج شغفي بالكلمات بدراستي، وحرصي على تبسيط المعلومات الطبية للقراء من خلفيات مختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى