يجرى تحليل الكعب للمولود لجميع الأطفال حديثي الولادة، ويهدف إلى الكشف المبكر عن مجموعة من الأمراض الخطرة، التى يسهل علاجها إذا شخصت مبكرًا.
لكن إذا تأخر العلاج فسيعرضهم لمشكلات صحية عديدة، وقد تؤدى في النهاية إلى الموت المبكر للأطفال المصابين بتلك الأمراض النادرة.
دعنا -عزيزي القارئ- نتعرف أولًا إلى كيفية أخذ عينة الكعب لحديثي الولادة.
كيفية أخذ عينة الكعب
يجب تغذية الطفل جيدًا واحتضانه قبل أخذ العينة، وذلك لتهدئته.
يجرى تحليل الكعب للمولود من اليوم الثالث إلى اليوم السابع من عمر الطفل.
يأخذ الممرض أو الفني الطبي قطرات دم من كعب المولود بأداة وخز آمنة، ويرسلها للمختبر الحكومي لفحصها.
في حال كانت النتيجة إيجابية، يعاد التحليل مرة أخرى، لتأكيد التشخيص الدقيق وبدء العلاج المبكر.
في بداية القرن الحادي والعشرين، أثبتت الصحة العامة خلال الخمسين سنة الماضية نجاحًا باهرًا، بعد إدخال مقياس الطيف الكتلي الترادفي في فحص الاختبارات الخاصة بحديثي الولادة.
إذ إن هذه التقنية لديها القدرة على فحص عشرات الأحماض الأمينية بدقة عالية.
ملحوظة
قد يعطي تحليل الكعب للمولود نتائج سلبية وتظهر فيما بعد أعراض مرضية، والعكس صحيح.
لذلك يُعاد تحليل الكعب للمولود مرةً أخرى في الحالات الإيجابية للتأكد وبدء العلاج المناسب.
سنتطرق الآن إلى التحاليل التي تجرى على عينة الكعب للمولود الخاصة بالأمراض الناتجة من عوامل وراثية أو طفرات جينية.
تحليل التمثيل الغذائي للرضع
يشمل تحليل الكعب للمولود تحليل التمثيل الغذائي، لكن ما التمثيل الغذائى وما كيفية حدوثه؟
ما التمثيل الغذائى؟
يشمل التمثيل الغذائي مجموعة من التفاعلات الكيميائية تحدث داخل خلايا الجسم، لتحويل الطعام إلى الطاقة التي يحتاجها الجسم للنمو والتنقل.
آلية عمل التمثيل الغذائي
عندما يصل الطعام -الذى يتكون من بروتينات ودهون وكربوهيدرات- إلى الجهاز الهضمي تعمل الإنزيمات على تحويل كلًا من الآتي:
- البروتينات إلى أحماض أمينية.
- الدهون إلى أحماض دهنية.
- الكربوهيدرات إلى سكريات بسيطة.
ثم تحمل بواسطة الدم إلى داخل الخلايا، التي تحتوي على إنزيمات أخرى تحولها إلى طاقة، أو تخزن في الكبد والعضلات ودهون الجسم.
كذلك تتحكم الغدد الصماء خاصةً الغدة الدرقية في عملية التمثيل الغذائي.
إذ يلعب هرمون الثيروكسين الذي تنتجه الغدة الدرقية دورًا أساسيًا في عملية التمثيل الغذائي.
أما إذا حدث أي خلل في هذه الآلية؛ تضطرب عملية التمثيل الغذائي.
الاضطراب في عملية التمثيل الغذائي
يعد أحد الاضطرابات الأيضية الموروثة التى لا ينتج فيها الجسم إنزيمًا معينًا أو قد ينتجه بصورة خاملة فلا يؤدي وظيفته، فتتراكم المواد الكيميائية السامة.
يكشف عنه من خلال تحليل كعب المولود، وذلك بإجراء اختبار واحد فقط من الاختبارات الآتية:
- البلازما.
- الأحماض الأمينية فى البول.
- السكريات قليلة التعدد.
تجدر الإشارة إلى أن إهمال العلاج يؤدي إلى مظاهر سريرية معقدة منها:
- أزمة التمثيل الغذائي الحاد.
- الصرع.
- انخفاض شديد في نسبة السكر في الدم.
- تلف عديد من الأعضاء.
- الإعاقة الشديدة.
- التأخر العقلي.
- الموت المبكر.
أسباب تحليل الغدة الدرقية للمولود
تُعد الغدة الدرقية المسؤولة عن عملية التمثيل الغذائي والأيض في الجسم، وتفرز الهرمونَين T3 وT4.
إذ تكمن أهمية هذين الهرمونين فيما يأتي:
- يعد هرمون الغدة الدرقية ضروريًا للنمو الجسدي والعقلي للطفل.
- يعد التشخيص المبكر والعلاج المناسب لقصور الغدة الدرقية مهم لمنع حدوث التخلف العقلي وفشل النمو، على أن يبدأ العلاج في غضون أسبوعين من تاريخ الولادة.
على الرغم من العلاج المبكر للأطفال الذين تعاني أمهاتهم قصور الغدة الدرقية، ربما يعاني أولئك الأطفال ضعفًا كبيرًا في النمو العصبي الفكري فيما بعد.
كذلك يشمل تحليل الكعب للمولود تحليل PKU، هيا نتعرف إليه.
ما هو تحليل PKU؟
حاليًا فى الدول المتقدمة نادرًا ما يشخص أحد الأطفال بالبيلة فينيل كيتون (PKU)، وذلك لاتباعهم فحص حديثي الولادة.
إذ إنه يسمح بالكشف عن المرض وتشخيصه وعلاجه بنظام غذائي منخفض فينيل ألانين.
دعنا نتعرف إلى هذا المرض أولًا وكيفية الإصابة به.
ما بيلة الفينيل كيتون (PKU)؟
يعد اضطرابًا وراثيًا ينتج عنه إرتفاع مستوى الفينيل ألانين في الدم.
ما الفينيل ألانين (Phenylalanine)؟
يعد الفينيل ألانين حمضًا أمينيًا يدخل في بناء البروتينات، ويمكن الحصول عليه من النظام الغذائي.
يحدث هذا المرض نتيجة طفرات جينية أو عوامل وراثية، تتسبب في تعطيل عمليات التمثيل الغذائي المعتادة في الجسم.
ينتج عنه تأثير ضار جدًا على الأعضاء، ويكون الأطفال المصابون PKU أقصر طولًا وأقل وزنًا من أقرانهم.
كذلك يعد الأطفال الذين لدى أمهاتهم إصابة بمرض بيلة فينيل كيتون، عرضة للإصابة بإعاقة ذهنية دائمة.
أعراض PKU
- تأخر النمو.
- إعاقة ذهنية.
أمراض أخرى يكشفها تحليل الكعب للمولود
يوجد عديد من الأمراض الأخرى يمكن التعرف إليها من خلال تحليل الكعب للمولود، ومنها الآتى:
التليف الكيسي (Cystic fibrosis)
يعد التليف الكيسي مرضًا وراثيًا يصيب الرئتين والجهاز الهضمي؛ إذ ينتج الجسم مخاطًا سميكًا يسد الرئتين ويعيق أداء البنكرياس.
نقص نازعة هيدروجين الأسيل -الإنزيم المشترك A متوسط السلسلة (MCADD)
حالة تمنع الجسم من تحويل بعض الدهون إلى طاقة، خاصةً في فترات عدم تناول الطعام.
إذا لم يعالَج نقص نازعة هيدروجين الأسيل -الإنزيم المشترك A متوسط السلسلة (MCAD)؛ فقد يؤدي نقص السكر في الدم الناتج عنه إلى نوبات مرضية.
مرض الخلايا المنجلية
يعد فقر الدم المنجلي اضطرابًا وراثيًا في خلايا الدم الحمراء السليمة؛ مما يؤدي إلى خلل في حمل الأكسجين في جميع خلايا الجسم.
داء البول القيقب (MSUD)
يعد كذلك مرضًا وراثيًا نادرًا وخطيرًا، يعرف بمرض التصلب العصبي المتعدد ذي رائحة البول المميزة.
إذ ينتج من عدم قدرة الجسم على تكسير بعض الأحماض الأمينية؛ مما يؤدي إلى تراكمها فى الدم وارتفاع مستوياتها مما يؤثر في المريض.
بيلة حمض الجلوتاريك
ينتج هذا المرض الوراثي نتيجة التراكم غير الطبيعي للأحماض العضوية، ومن أهم أعراضه تضخم محيط الرأس للمولود.
احمضاض الدم
انحراف فى التوازن الحمضي القاعدي في الدم، مما يؤثر تأثيرًا ضارًا في الأعضاء.
هناك نوعان من احمضاض الدم وهما:
- الاحمضاض التنفسي.
- الحماض الأيضي.
العوامل التى تساعد على خطر الإصابة باحمضاض الدم ما يلي:
- الفشل الكلوي.
- البدانة.
- الجفاف.
- مرض السكري.
ختامًا، يحمى تحليل الكعب للمولود الطفل والوالدين من متاعب مستقبلية، وأمراض نادرة يصعُب علاجها عند التأخر في اكتشافها، ربما تؤدي إلى الموت الحتمي.
لذلك يعد التشخيص السليم والعلاج المبكر والمناسب الوسائل المثلى للحفاظ على مستقبل أمن وصحة أفضل لأطفالنا.