هل يكشف تحليل النقرس السبب وراء ألم المفاصل أحيانًا؟
ربما دار هذا السؤال في رأس أحدهم عند زيارة الطبيب، لكن متى يُجرى تحليل النقرس؟ ولماذا؟
ما النتائج المترتبة على معرفة نتائج التحليل، وإلى ماذا يشير؟
سنجيب عن كل التساؤلات وغيرها في جولة طبية عبر سطور المقال الآتية.
لكن، لنتعرف أولًا إلى مرض النقرس، ليتسنى لنا إدراك أهمية تحليل النقرس ومن ثمّ التشخيص والعلاج، فهيا بنا..
ما النقرس؟
يعد النقرس (Gout) نوعًا شائعًا من التهاب المفاصل، ويسبب ألم المفاصل الشديد وتورُّمها، فيما يُعرف بنوبات النقرس (Gout Attacks).
إذ يرجع ذلك إلى تراكم حمض اليوريك (Uric Acid) في الجسم مكونًا بلورات حادة في إصبع القدم الكبير عادةً.
لكن يمكن أن يصيب المفاصل الأخرى كذلك، مثل: الكاحلين أو الركبتين أو المعصمين أو المرفقين.
تُعرف البلورات كذلك ببلورات اليورات أحادية الصوديوم (Monosodium Urate Crystals)، وتشبه الإبر تحت المجهر.
كذلك يُسمى النقرس بداء الملوك (Disease of Kings)؛ نظرًا لارتباطه بالإفراط في تناول بعض الأطعمة والكحول.
أعراض النقرس
تستمر نوبة النقرس عادةً مدة 3 أيام مع العلاج وحتى 14 يومًا دونه ثم تتحسن، وتتضمن الأعراض ما يلي:
- ألم المفاصل وتورمها.
- جلد أحمر ولامع حول المفصل المصاب.
- شعور بالدفء في المنطقة المصابة.
- تيبس حركة المفصل أحيانًا.
اعراض النقرس في كعب القدم
بالرغم من شيوع الإصابة بالنقرس في إصبع القدم الكبير، إلا إنه ربما يصيب مناطق أخرى مثلما ذكرنا سالفًا، بما في ذلك كعب القدم.
لكن حال الشعور بألم في الكعب؛ يجب التوجه إلى الطبيب فورًا لتشخيص الحالة؛ إذ توجد عدة مشكلات أخرى ربما تسبب ذلك، ومنها:
- التهاب اللفافة الأخمصية (Plantar Fasciitis).
- كذلك التهاب وتر العرقوب أو وتر أخيل (Achilles Tendonitis).
- التهاب الجِراب (Bursitis).
- متلازمة النفق الرسغي (Carpal Tunnel Syndrome).
- الأمراض المناعية، مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي.
مضاعفات النقرس
ربما يُصاب مرضى النقرس بمضاعفات خطيرة في مراحل متقدمة من المرض، ومنها:
- النقرس المتكرر.
- أما النقرس المتقدم (ربما تتكون في هذه المرحلة عُقيدات من بلورات اليورات تُعرف باسم “الرواسب الرملية أو التوفي” (Tophus).
- حصوات الكلى.
أنواع النقرس
توجد عدة مراحل للنقرس إلى أن يبلغ ذروته، وهي:
فرط حمض اليوريك بالدم دون أعراض
ربما ترتفع مستويات حمض اليوريك لدى الشخص دون أي أعراض خارجية، ولا يحتاج الأشخاص إلى تلقي العلاج في هذه المرحلة.
مع ذلك، ربما يؤدي ارتفاع مستويات حمض اليوريك إلى تلف الأنسجة الصامت.
النقرس الحاد (Acute Gout)
تسبب بلورات اليورات التهابًا حادًّا وألمًا بالغًا فجأة في هذه المرحلة، ويسمى توهجًا (Flare).
النقرس بين الحرج (Intercritical Gout)
تمثل هذه المرحلة فاصلًا بين النوبات الحادة، وتصبح أقصر مع الوقت.
داء النقرس المزمن (Chronic Tophaceous Gout)
يعد من أشد الأنواع التي ربما تصيب المفاصل والكليتين بالضرر الدائم؛ إذ ربما ينجم عن هذه المرحلة الإصابة بالتهاب المفاصل المزمن.
النقرس الكاذب (Pseudogout or False Gout)
يحدث نتيجة ترسب بيروفوسفات الكالسيوم في الركبتين والمعصمين عادةً، ويتميز بقلة حدة النوبات مقارنة بنوبات النقرس.
كذلك تتشابه أعراض النقرس والنقرس الكاذب إلى حد كبير؛ مما يسبب خلطًا في التشخيص، لكن علاجهما مختلف.
ما تحليل النقرس؟
يُعرف كذلك باسم “اختبار حمض اليوريك في الدم” (Uric Acid Blood Test)، الذي يمكن أن يحدد كفاءة الجسم في إنتاج هذا الحمض والتخلص منه.
يعد حمض اليوريك مادة كيميائية تنتج من تكسير الأطعمة التي تحتوي على مركبات عضوية تسمى البيورينات (Purines) في الجسم.
يذوب معظم حمض اليوريك في الدم وترَشّحه الكلى، ومن ثمّ يُطرد في البول.
لكن أحيانًا يُنتج كثير من هذا الحمض أو ربما لا تتمكن الكلى من ترشيحه بما يكفي؛ فينتج ما يُعرف بفرط حمض يوريك الدم (Hyperuricemia).
كذلك ربما يؤدي زيادة موت الخلايا بسبب السرطان أو علاجه إلى فرط حمض يوريك الدم.
أسباب إجراء تحليل حمض اليوريك؟
توجد عدة أسباب لإجراء التحليل، لكن أكثرها شيوعًا ما يلي:
- الكشف عن الإصابة سابقًا بالنقرس أو حاليًا.
- متابعة الخاضعين للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو عند بداية العلاج.
- تشخيص اضطرابات الكلى، وذلك عبر فحص وظائفها.
- التعرف إلى سبب حصوات الكلى أو تكرار الإصابة بها.
- وجود ألم أو تورم؛ إذ ربما يرتبط بالإصابة بالنقرس.
تحليل حمض اليوريك في البول
يستغرق هذا الإجراء يومًا كاملًا، وربما يوصي به الطبيب مع تحليل الدم لتأكيد التشخيص.
كذلك يكشف عن مزيد من دلالات الإصابة بحصوات الكلى؛ إذ يمر حمض اليوريك عبر الكليتين بعد ذوبانه في الدم، ومنها إلى خارج الجسم.
تتكون بلورات تلتصق ببعضها البعض عند تراكم حمض اليوريك في البول؛ مما قد يمنع تدفقه مسببةً الألم، حال كانت تلك البلورات كبيرة الحجم.
كيفية إجراء تحليل النقرس بالدم؟
تسمى عملية الحصول على عينة الدم للاختبار بزل الوريد (Venipuncture).
إذ يحصل الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية على العينة من الوريد الموجود في باطن المرفق أو منطقة ظهر اليد.
هل تحليل النقرس صائم أم فاطر؟
ربما يحتاج الشخص إلى الصيام (الامتناع عن تناول الطعام والشراب)، مدة 4 ساعات قبل إجراء الاختبار.
المعدل الطبيعي لحمض اليوريك
يتراوح المعدل الطبيعي ما بين 2.5 إلى 7 ملجم/ ديسيلتر في الذكور، بينما يبلغ من 1.5 إلى 6 ملجم/ ديسيلتر في الإناث.
كذلك لا يشيع انخفاض مستويات حمض اليوريك، لكن يمكن أن يتخلص الجسم من كمية كبيرة منه في صورة فضلات.
ما معنى تحليل uric acid مرتفع؟
يختلف المعدل الطبيعي لحمض اليوريك من معمل إلى آخر، لكن بوجهٍ عام يصبح مستوى حمض اليوريك مرتفعًا عندما يزيد عن:
في الإناث: 6 ملجم/ ديسيلتر.
في الذكور: 7 ملجم/ ديسيلتر.
تشير تلك المعدلات المرتفعة إلى عديد من الاضطرابات، بما في ذلك النقرس وأمراض الكلى والسرطان.
سعر تحليل النقرس
يختلف سعر تحليل النقرس من معملٍ إلى آخر، لكنه يتراوح عادةً ما بين 30 إلى 120 جنيهًا مصريًّا.
الآن، ربما يتبادر إلى أذهاننا -عزيزي القارئ- تساؤلًا، ألا وهو هل يوجد تحليل للنقرس الكاذب؟
تحليل النقرس الكاذب
يكشف هذا التحليل عن ترسب بلورات بيروفوسفات الكالسيوم في حالة النقرس الكاذب، وذلك بدلًا عن بلورات اليورات عند الإصابة بالنقرس.
تجدر الإشارة إلى أنه ربما يرتبط النقرس الكاذب بالإصابة ببعض الاضطرابات، ومنها:
- اضطرابات هرمونات الغدة الدرقية.
- الهيموفيليا (Hemophilia)، يعد اضطرابًا وراثيًّا يسبب النزيف ويمنع تجلط الدم طبيعيًّا.
- التمغُّر (Ochronosis)، هي حالة تتسبب في ترسب صبغة داكنة في الغضروف والأنسجة الضامة.
- الداء النشواني (Amyloidosis)، وتعني تراكم بروتين على نحو غير طبيعي في الأنسجة.
هل يؤثر تناول الأدوية في تحليل النقرس؟
يجب إخبار الطبيب عن أي أدوية موصوفة أو غير موصوفة أو المكملات الغذائية التي يتناولها الشخص.
إذ يمكن أن تؤثر بعض الأدوية في نتائج الاختبار، ومنها:
- الأسبرين (Aspirin).
- السيكلوسبورين (Cyclosporine).
- ليفودوبا (Levodopa).
- أدوية النقرس.
- فيتامين ب3.
- بعض مدرات البول.
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
تشخيص النقرس
غالبًا ما يصعب تشخيص النقرس؛ إذ تتشابه أعراضه مع حالات أخرى.
كذلك ربما ينعدم وجود حمض اليوريك في الدم في أثناء النوبة، لذا ربما يستخلص الاختصاصي سائلًا من المفصل المصاب لتحليله وتأكيد التشخيص.
يمكن كذلك استخدام الموجات فوق الصوتية للبحث عن بلورات اليورات حول المفصل أو داخل الزوائد.
بينما لا تستطيع الأشعة السينية اكتشاف النقرس، يمكن استخدامها لاستبعاد الأسباب الأخرى، مثل: البكتيريا التي تسببها عدوى المفاصل.
هل يمكن علاج مرض النقرس نهائيا؟
لا يوجد علاج نهائي للنقرس، لكن يمكن السيطرة على النوبات وتخفيف الألم.
علاج النقرس بالأدوية
عادةً ما يستند العلاج إلى تناول الأدوية الموصوفة، التي تعالج الأعراض، ومن ثمّ تقلل الألم والتورُّم في المناطق المصابة.
كذلك تقلل خطر حدوث المضاعفات، مثل: حصوات الكلى والرواسب الرملية أو التُّوَف (Tophi).
تشمل الأدوية الشائعة المستخدمة في العلاج:
- الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs).
- الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids).
- الكولشيسين (Colchicine).
العلاجات التـقليدية للنقرس
تخفف كذلك من تواتر النوبات وتحد من الألم، وتتضمن تعديل النظام الغذائي مثلما يأتي:
- شرب المياه بكثرة.
- تناول مزيد من منتجات الألبان قليلة أو خالية الدسم.
- ممارسة الرياضة وإنقاص الوزن.
- تجنب المشروبات السكرية.
- تجنب تناول الكحول.
- الحد من الأطعمة الغنية بالبيورين، ومنها:
- الكبد.
- الأنشوجة.
- سمك الأسقمري البحري (الماكريل).
- الفاصوليا المجففة.
الجديد في علاج النقرس
يُستخدم دواء أناكينرا (Anakinra) لعلاج النقرس، وهو دواء بيولوجي حديث يحاكي البروتين الذي يتكون طبيعيًّا في الجسم.
كذلك يساعد على تقليل الالتهاب الناجم عن التهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض التهابية أخرى.
في الختام، أتمنى للجميع السلامة، لكن تظل الصحة أغلى ثروة يمتلكها الإنسان، لذا لا تتردد -عزيزي القارئ- في إجراء تحليل النقرس، حال طلب منك الطبيب ذلك؛ تجنبًا لحدوث مضاعفات خطيرة إذا أُهمل علاج النقرس.