أثار تفشي فيروس زيكا القلق والذعر؛ نظرًا لما يسببه من آثار صحية ضارة كبيرة، لا سيّما لدى النساء الحوامل أو الأزواج الراغبين في الحمل.
إذ يدق زيكا ناقوس الخطر بين الأطفال والبالغين، لذا أعلنته منظمة الصحة العالمية (WHO) حالة طوارئ دولية للصحة العامة.
سأفتح لك -عزيزي القارئ- نافذة عبر السطور الآتية، لتكتشف معي هذا الفيروس، وأعراضه، وكيفية الإصابة به، والوقاية منه، فتابع معي.
ما فيروس زيكا؟
ينتمي فيروس زيكا (Zika Virus) إلى نفس عائلة فيروسات الحمى الصفراء، وحمى الضنك، وغرب النيل، والتهاب الدماغ الياباني.
إذ ترتبط العدوى به بالإصابة بعدة تشوهات خلقية، ومضاعفات عصبية أيضًا.
أسباب فيروس زيكا
ينتشر زيكا غالبًا عبر لدغة البعوض من فصيلة الزاعجة المصابة، هما الزاعجة المصرية (Aedes Aegypti)، والزاعجة المنقطة بالأبيض (Aedes Albopictus).
إذ يلدغ البعوض ليلًا أو نهارًا، لكنها تبلغ ذروتها في ساعات الصباح الباكر، ذلك بخلاف البعوض الحامل للملاريا.
عندما تلدغ البعوضة المصاب ينتقل الفيروس إليها، ثم تلدغ شخصًا آخر لتصيبه بالفيروس مسببةً العدوى.
كيفية انتقال فيروس زيكا
يمكن أن ينتقل زيكا عبر إحدى الطرق الآتية:
- لدغات البعوضة الزاعجة.
- من الحامل إلى جنينها.
- من خلال الجنس.
- نقل الدم (مرجح جدًا، لكن لم يؤكد بعد).
لماذا سمي فيروس زيكا بهذا الاسم؟
اكتُشف فيروس زيكا أول مرة في عام 1947 بين القرود، وسُمّي على اسم غابة زيكا في أوغندا.
في عام 1952، اكتُشفت أولى حالات الإصابة به بين البشر في نفس غابة زيكا بأوغندا أيضًا وجمهورية تنزانيا المتحدة.
منذ ذلك الحين أُبلغ عن تفشيه في عدة مناطق، مثل: إفريقيا وآسيا وجزر المحيط الهادئ.
سُجلت ما لا يقل عن 14 حالة إصابة بزيكا قبل عام 2007، ورغم احتمالية حدوث حالات أخرى، لكن لم يُبلّغ عنها.
يُعزى ذلك إلى تشابه أعراضه مع أعراض عدة أمراض أخرى، لذا لم يُتعرف إلى عديد من الحالات.
أعراض فيروس زيكا
يعاني معظم الأشخاص أعراضًا خفيفة وشبيهة بأعراض الإنفلونزا، ولا تظهر على معظمهم.
كذلك تبدأ في الظهور بعد يومين إلى 7 أيام من لدغة البعوضة المصابة بالعدوى، وتشمل الآتي:
- الحمى.
- الطفح الجلدي.
- الصداع.
- آلام المفاصل والعضلات.
- التهاب الملتحمة (العين الوردية).
عادةً لا يتطلب الأمر التوجه إلى المستشفى، كذلك نادرًا ما يسبب زيكا الوفاة.
إضافةً إلى ذلك، فإنه يمكن حماية المصابين من الإصابات مستقبلًا من خلال تصنيع اللقاح بعد خضوعه للتطوير.
ما طفح زيكا (Zika Rash)؟
يبدأ الطفح الجلدي على منطقة الجذع وينتشر إلى الوجه والساقين والذراعين، كذلك القدمين، ويظهر على هيئة مزيج من نتوءات حمراء صغيرة وبقع حمراء.
مضاعفات فيروس زيكا
تُجرى على قدم وساق عدة بحوث لتقصي المضاعفات والآثار الناجمة عن عدوى زيكا؛ إذ تنشأ مضاعفات للجنين، وأخرى للبالغين والأطفال.
فيروس زيكا والحمل
يمكن أن ينتقل زيكا من الأم الحامل إلى جنينها؛ مما يترتب عليه حدوث عدة مشكلات، ومنها:
- الإجهاض.
- الولادة المبتسرة.
لذا توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بعدم سفر النساء الحوامل إلى المناطق التي ينتشر بها زيكا.
أما في حالة ضرورة السفر للحامل، فيجب استشارة الطبيب أولًا، مع الحرص على تجنب لدغات البعوض.
كذلك يوصى للحوامل المصابة بإجراء بعض الاختبارات، مثل: الموجات فوق الصوتية (Ultrasound)، وعينة من سوائل الرحم “بزل السلى” (Amniocentesis).
أطفال فيروس زيكا
لا تقتصر المشكلات الصحية الناجمة عن انتقال زيكا من الأم إلى الجنين على الأم فقط، بل قد يُصاب الجنين بعدة عيوب خلقية، ومنها:
- صغر الرأس (Microcephaly): عيب خلقي خطير في الدماغ.
- ولادة جنين ميت.
- تقلصات الأطراف.
- توتر شديد بالعضلات.
- فقدان السمع وتشوهات العين.
- مشكلات النمو.
مضاعفات أخرى
يسبب زيكا مضاعفات أخرى خطرة، ومنها ما يلي:
- الإصابة بمتلازمة غيلان باريه (Syndrome Guillain-Barre)، هو مرض شائع يصيب الجهاز العصبي في المناطق المصابة بزيكا.
- الاعتلالات العصبية.
- التهاب النخاع الشوكي.
تشخيص فيروس زيكا
يعتمد التشخيص على تاريخ السفر الحديث للشخص والأعراض ونتائج الاختبارات، ويمكن أن يؤكد فحص الدم أو البول الإصابة بالفيروس.
يُنصح بإجراء فحوصات الدم، والبول، والسائل المنوي لتأكيد التشخيص.
ربما يطلب الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية اختبارات أخرى، للكشف عن أنواع أخرى من العدوى.
إذ تتشابه أعراض زيكا مع العدوى الفيروسية الأخرى التي تنتشر من خلال لدغات البعوض، مثل: حمى الضنك (Dengue Fever)، والشيكونغونيا (Chikungunya).
كذلك يعد التشخيص أمرًا ضروريًّا للأمهات اللاتي ربما تعرضن للفيروس من خلال لدغة البعوض.
تحليل فيروس زيكا
يوجد ثلاثة أنواع مصرح باستخدامها في تشخيص الإصابة بزيكا، نذكرها فيما يلي:
اختبار تضخيم الحمض النووي الريبي (RNA NAT Test)
تستند تقنية هذا الاختبار إلى تضخيم عدد الجسيمات الجينية في الدم والبول وسوائل الجسم بسرعة من بضعة آلاف إلى أكثر من مليار.
يبحث هذا الاختبار عن البصمة الجينية للفيروس، لكن بشرط إجراء الاختبار على عينة الدم والبول في نفس الوقت في حالة الاشتباه.
يعد هذا الاختبار أكثر دقة في قدرته على اكتشاف الفيروس، لكنه أقل حساسية؛ مما يعني احتمالية حدوث نتائج سلبية خاطئة.
يُنصح بإجرائه في غضون 14 يومًا من بدء ظهور الأعراض.
مع ذلك، سينخفض مستوى الحمض النووي الريبي الفيروسي بسرعة؛ إذ يبدأ الجهاز المناعي في السيطرة على العدوى.
لكن يُستثنى من ذلك النساء الحوامل؛ إذ يمكن أن يستمر الحمض النووي الريبي مدة تصل إلى 12 أسبوعًا.
اختبار الجلوبيولين المناعي م (IgM Test)
على النقيض من الاختبار السابق، يعد هذا الاختبار أقل دقة في التفرقة بين زيكا والفيروسات الأخرى.
لكنه أكثر حساسية في استبعاد هذا الفيروس، في حال كانت النتائج سلبية أو عند حدوث نتائج إيجابية خاطئة نتيجة إجراء الاختبار مبكرًا.
إذ يستند إلى الكشف عن الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم لمحاربة الفيروس، لكن يمكن أن يستغرق الجسم مدة تصل إلى أسبوعين بعد التعرض للإصابة لإنتاج ما يكفي منها، للحصول على نتائج دقيقة.
تجدر الإشارة إلى أن الاختبارين يوفران نتائج عالية الدقة عند استخدامهما سويًّا في التشخيص.
اختبار تحييد تقليل البلاك Plaque Reduction Neutralization) Test)
يقيس هذا الاختبار مستوى الأجسام المضادة المعادلة في الدم، التي ربما تبقى في الجسم سنوات، وتمثل مجموعة فرعية من الجلوبينات المناعية التي تسهم في القضاء على الفيروس.
يُستخدم لتأكيد نتائج الاختبارات التي ربما تكون غير دقيقة أو افتراضية.
دواعي إجراء اختبار فيروس زيكا؟
يوصى بإجراء اختبار زيكا في الحالات الآتية:
- ينبغي إجراء الاختبار على الفور بينما ما تزال تظهر الأعراض، ويعانيها الشخص.
- كان الشخص مسافرًا إلى بلد ينتشر به الفيروس حاليًّا.
- امرأة حامل مصابة بأعراض زيكا.
علاج فيروس زيكا
لا توجد لقاحات أو أدوية لعلاجه حتى الآن، لكن ربما تسهم بعض الوسائل في تخفيف الأعراض، ونذكرها فيما يلي:
- الحصول على قسط كافٍ من الراحة.
- شرب السوائل لمنع الجفاف.
- تناول عقار الأسيتامينوفين (Acetaminophen) لتقليل الحمى والألم.
- تجنب تناول الأسبرين (Aspirin)، أو غيره من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).
- يجب إخبار مقدم الرعاية الصحية عن أي أدوية إضافية يتناولها المصاب أو في حالة تناول أدوية لحالة طبية أخرى.
لقاح فيروس زيكا
طور العلماء في مركز بحوث اللقاحات التجريبي لقاحًا ضد هذا الفيروس يستند إلى الحمض النووي.
يشبه بذلك استراتيجية لقاح فيروس فلافي أو الفيروسات المصفّرة (Flavivirus).
دخل اللقاح في المرحلة الأولى من التجربة عام 2016، وتشير النتائج إلى أمانه وقدرته على تحفيز الجسم لتكوين أجسام مناعية مضادة للفيروس.
كذلك أُطلقت المرحلة الثانية في عام 2017 لتقييم سلامة اللقاح في تجربة تسمى “الجرعة المثلى للإعطاء” (VRC 705).
لذا استنادًا لتجربة سريرية أخرى أُجريت عام 2018 في البرازيل، يُقترح إضافة لقاح زيكا إلى لقاح حمى الضنك.
ذلك لإنتاج لقاح من شأنه الوقاية من زيكا وجميع فيروسات الضنك الأربعة.
تجدر الإشارة إلى أن هناك نحو 18 لقاحًا مرشحًا في مراحل مختلفة، لكن تظل هناك حاجة إلى معرفة مزيد حول آلية عمل الفيروس.
كيفية الوقاية من فيروس زيكا
تعد أفضل طريقة لمنع انتشار الأمراض المنقولة من خلال البعوض؛ الوقاية من لدغاته، ذلك باستخدام إحدى الوسائل الآتية:
الملابس
يمكن ارتداء ملابس ذات أكمام طويلة وسراويل طويلة.
كذلك يمكن ارتداء الملابس المعالجة بالبيرميثرين (Permethrin).
طارد الحشرات
يمكن استخدام طارد للحشرات مسجل من وكالة حماية البيئة (EPA) مع إحدى المكونات النشطة الآتية:
- ثنائي إيثيل تولواميد (DEET).
- بيكاريدين (Picaridin).
- بارا مينثان ديول (PMD).
- زيت الأوكالبتوس الليموني (OLE).
- أونديكانون (Undecanone).
إذ ثَبُت أمان هذه المواد الطاردة للحشرات وفاعليتها للنساء الحوامل والمرضعات، عند استخدامها وفقًا للإرشادات.
بينما لا ينبغي استخدامها للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 3 سنوات.
الوقاية من فيروس زيكا في المنزل
يمكن الوقاية من الفيروس منزليًا عبر الوسائل الآتية:
- البقاء في الأماكن التي تحتوي على مكيفات، أو التي تستخدم ستائر النوافذ والأبواب.
- استخدام الناموسية للأطفال الذين تقل أعمارهم عن شهرين في عربات الأطفال أو أسرّتهم.
- النوم تحت ناموسية سرير في حالة عدم توفر غرف مكيفة أو مغطاة، أو عند النوم في الهواء الطلق.
منع الانتقال الجنسي
يمكن ذلك باستخدام الواقي الذكري أو عدم ممارسة الجنس.
الانتظار 3 أشهر على الأقل قبل محاولة الحمل
يجب الانتظار مدة 3 أشهر على الأقل بعد العودة من منطقة معرضة لخطر الإصابة بزيكا، أو بعد بدء الأعراض.
ختامًا -عزيزي القارئ- أود التنويه أنه ما لم تكن هناك حاجة إلى السفر إلى البلاد التي ينتشر بها فيروس زيكا، فلا داعي لذلك؛ حرصًا على سلامتك وتجنبًا لمشكلاته الخطرة.
دمتم بكل خير!