صحة عامة

كل ما تود معرفته عن هرمونات الغدة الدرقية

هرمونات الغدة الدرقية

هل خطر ببالك يومًا أن هرمونات الغدة الدرقية تتحكم في الطاقة الناتجة عن عمليات الأيض داخل جسمك؟

تُرى، كيف يحدث ذلك، وماذا إن اضطربت تلك الهرمونات، وما الذي يتحكم فيها داخل الجسم؟

لذا سأصحبك -عزيزي القارئ- في جولة تفصيلية عبر سطور المقال لأجيب عن كل تلك التساؤلات وأكثر حول هرمونات الغدة الدرقية.

لكن لنتعرف بدايةً إلى الغدة الدرقية وموقعها، فتابع معي.

 

ما الغدة الدرقية؟

إنها تلك الغدة الصغيرة التي تشبه الفراشة، وتقع في مقدمة العنق أسفل تفاحة آدم (عند الرجال) أو الحنجرة فوق عظمة الترقوة مباشرةً.

هي إحدى الغدد الصماء ذات لون بني محمر؛ إذ تمتلئ بالأوعية الدموية وتمر عبرها الأعصاب الهامة لجودة الصوت.

 

ما هرمونات الغدة الدرقية؟

تفرز الغدة الدرقية عدة هرمونات هامة، هي:

رباعي يودوثيرونين (T4) أو الثيروكسين (Thyroxin)

يسمى “هرمون الغدة الدرقية”، ويُعد الهرمون الرئيس للغدة، ويتميز بتأثيره الطفيف في معدل التمثيل الغذائي.

إذ سرعان ما يتحول إلى T3 في الكبد والأنسجة الأخرى وفق عديد من العوامل والأمراض.

ثلاثي يودوثيرونين (T3)

إنه هرمون البروتين السكري الأكثر نشاطًا الذي يتحكم في عملية التمثيل الغذائي، ويمثل 5% من هرمون الغدة الدرقية المنتشر في الدم.

الكالسيتونين (Calcitonin)

يلعب دورًا هامًّا في توازن الكالسيوم، ويقلل معدل الفسفور أيضًا، وذلك عند تجاوزهما المعدل الطبيعي في الدم.

 

ما الجلوبيولين؟

يُحمل الهرمونان T3 وT4 في الدم على بروتين يسمى الجلوبيولين (Globulin)، وفي حالة نقصه تقل كمية الهرمونات الحرة.

جدير بالذكر أنه لا يسبب نقصه أية مشكلات صحية، إلا إنه يمكن الخلط بين تشخيص نقصه وبين اضطرابات الغدة الدرقية الخطرة.

 

وظيفة الغدة الدرقية

تتحكم هرمونات الغدة الدرقية في عملية التمثيل الغذائي، وتسهم في الحفاظ على أداء عديد من وظائف الجسم، ومنها:

  • معدل حرق السعرات الحرارية.
  • درجة حرارة الجسم.
  • الهضم.
  • وظائف القلب.
  • الخصوبة.
  • الحفاظ على الجلد.
  • النمو.

لعله يتبادر إلى ذهنك الآن -عزيزي القارئ- تساؤلًا عمن يتحكم في تلك الهرمونات، وإليك الجواب.

 

كيف يتحكم الجسم في هرمونات الغدة الدرقية؟

تخضع الغدة الدرقية لسيطرة الغدة النخامية، التي تقع وسط الجمجمة أسفل المخ، وتتحكم في كمية هرمونات الغدة الدرقية في مجرى الدم.

إذ إنه عندما تشعر الغدة النخامية بنقص هرمونات الغدة الدرقية أو ارتفاعها؛ فإنها تفرز هرمونًا يعرف بهرمون تحفيز الغدة الدرقية (TSH/ Thyroid Stimulating Hormone).

يرسل هذا الهرمون إشارات إلى الغدة الدرقية لتنبيهها بضرورة ضبط مستويات هرموناتها.

 

أمراض الغدة الدرقية

هرمونات الغدة الدرقية

عندما لا تنتج الغدة الدرقية القدر المناسب من هرموناتها، يشير ذلك إلى حالة طبية ينجم عنها أمراض الغدة الدرقية.

تشيع الإصابة بأمراض الغدة الدرقية، التي يمكن أن تصيب أي شخص بما في ذلك الرضع، ونذكر منها الآتي:

تضخم الغدة الدرقية (Goiter)

هو تورُّم ملحوظ في الرقبة نتيجة نقص اليود؛ مما يدفع الغدة الدرقية إلى بذل جهد أكبر لإنتاج هرمون الغدة الدرقية، لذا تنمو بصورة أكبر.

فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)

يحدث عندما تفرز الغدة الدرقية كمية كبيرة من هرمون الغدة الدرقية، ومن ثمّ يستخدم الجسم الطاقة بسرعة أكبر بسبب زيادة سرعة الأيض.

أسباب فرط نشاط الغدة الدرقية

تتعدد الأسباب عند الإصابة بعدة حالات، ونذكر منها:

  • داء غريفز (Graves’ disease)، أو الدُّرَاق الجُحوظي (يُعد السبب الأكثر شيوعًا، وهو أحد اضطرابات المناعة الذاتية).
  • العُقَيْدات مفرطة النشاط داخل الغدة الدرقية.
  • زيادة اليود (عنصر رئيس في هرموني T3 وT4).
  • التهاب الغدة الدرقية (Thyroiditis)؛ مما يؤدي إلى تسرب هرمونات الغدة الدرقية.
  • أورام المبيض أو الخصيتين.
  • الأورام الحميدة في الغدة الدرقية أو النخامية.
  • تناول كميات كبيرة من رباعي يودوثيرونين عبر تناول المكملات الغذائية أو الأدوية.

أعراض ارتفاع هرمون الغدة الدرقية

تنشأ الأعراض نتيجة فرط التمثيل الغذائي، وتشمل الآتي:

  • تسارع معدل ضربات القلب.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • ارتعاش اليد.
  • الأرق.
  • كثرة التعرق.
  • فقدان الوزن.
  • عدم انتظام الدورة الشهرية لدى النساء.
  • جحوظ العينين (في داء جريفز).

قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism)

يسمى أيضًا “نقص نشاط الغدة الدرقية”، وفيه لا تنتج الغدة ما يكفي من هرموناتها، ومن ثمّ تبدأ وظائف 

الجسم الطبيعية في التباطؤ.

أعراض نقص نشاط الغدة الدرقية

تختلف العلامات والأعراض من شخص إلى آخر، ووفق شدة الحالة أيضًا، ويصعب أحيانًا التعرف إليها.

ربما لا يدرك الشخص أن هذه التغييرات ناجمة عن اضطراب الغدة الدرقية إلا مع تطورها تدريجيًّا على مدار سنوات عدة.

تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:

  • الإعياء.
  • زيادة الوزن.
  • وجه حساس ومنتفخ.
  • الإمساك.
  • الاكتئاب ومشكلات في الذاكرة.
  • جفاف الجلد والشعر وقلة التعرق.
  • تباطؤ معدل ضربات القلب.
  • ارتفاع نسبة كوليسترول الدم.
  • تيبس العضلات وضعفها.
  • بحة الصوت.
  • مشكلات في الخصوبة أو الدورة الشهرية.

أسباب قصور الغدة الدرقية

تشمل الحالات المسببة للقصور ما يلي:

  • التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو (Hashimoto’s Thyroiditis).
  • التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة.
  • نقص اليود.
  • جراحة إزالة الغدة الدرقية.
  • التلف الناتج عن العلاج الإشعاعي.

التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو (Hashimoto’s Thyroiditis)

يسمى أيضًا “التهاب الغدة الدرقية الليمفاوي المزمن” (Chronic Lymphocytic Thyroiditis)، وفيه يهاجم جهاز المناعة في الجسم الغدة الدرقية بالخطأ ويدمرها ببطء.

ربما لا تظهر أية أعراض واضحة لسنوات في المصابين بحالات خفيفة منه، وإذا ظهرت فإنها تحاكي عدة أعراض للحالات الأخرى من أمراض الغدة.

سرطان الغدة الدرقية (Thyroid Cancer)

يحدث عندما تبدأ خلايا غير طبيعية في التكاثر في الغدة الدرقية حتى تصير ورمًا؛ نتيجة تحوّر بعض الخلايا أو تغيرها.

لكن الوجه المشرق في الأمر، أن سرطان الغدة الدرقية من أكثر أنواع السرطان القابلة للعلاج، حال اكتُشف مبكرًا.

عُقَيدات الغدة الدرقية (Thyroid Nodules)

تنجم عن تكون كتل في خلايا الغدة الدرقية، وتشيع الإصابة بها، لكن نادرًا ما تصبح سرطانية.

يمكن أن تكون صلبة أو مليئة بالسوائل في صورة عقدة واحدة أو مجموعة من العقيدات.

كذلك إذ لم يكبر حجمها بدرجة تضغط على القصبة الهوائية؛ فيمكن ألا يشعر بها الشخص.

التهاب الغدة الدرقية (Thyroiditis)

هو تورَُم أو التهاب الغدة الدرقية، ينتج عنه نقص أو زيادة إنتاج هرمون الغدة الدرقية.

 

مرض الغدة الدرقية عند النساء

تزيد احتمالية إصابة النساء بمرض الغدة الدرقية عن الذكور؛ إذ تُصاب واحدة من كل ثماني نساء بمشكلات الغدة الدرقية في خلال حياتها.

يمكن أن تسبب مشكلات الغدة الدرقية ما يلي:

مشكلات في الدورة الشهرية

تسهم الغدة الدرقية في التحكم في الدورة الشهرية، لذا قد يسبب إفراط أو نقص هرمون الغدة الدرقية زيادة كمية الحيض أو نقصه.

يمكن أن تتسبب تلك المشكلات في توقف الدورة الشهرية عدة أشهر أو أكثر، فيما يعرف بانقطاع الطمث (Amenorrhea).

مشكلات في الحمل

مثلما تؤثر الغدة الدرقية في الحيض، فإنها تؤثر في التبويض أيضًا؛ مما قد يعرقل حدوث الحمل.

كذلك ربما تؤدي إلى مشكلات صحية للأم والطفل؛ إذ إنه عادةً ما تصاحب حالات الولادة كسل الغدة الدرقية، الذي يمكن أن يتطور مع تقدم العمر (غالبًا بعد انقطاع الطمث عند النساء).

 

تشخيص أمراض الغدة الدرقية

تشخيص أمراض الغدة الدرقية
تشخيص أمراض الغدة الدرقية

يصعُب أحيانًا تشخيص أمراض الغدة الدرقية؛ إذ تتشابه الأعراض مع كثير من الاضطرابات الأخرى.

لكن لحسن الحظ توجد اختبارات يمكنها المساهمة في تحديد التشخيص والإصابة، وتتضمن ما يلي:

تحليل الدم

يُعد تحليل الغدة الدرقية من أكثر الوسائل استخدامًا لتشخيص اضطرابات الغدة الدرقية، وذلك عبر قياس كمية الهرمونات المتعلقة بالغدة الدرقية في الدم.

ربما يعطي الطبيب أيضًا اليود المشع عبر الفم أو الحقن، ثم يقيس الكمية التي تستهلكها الغدة الدرقية.

اختبارات التصوير (فحص الغدة الدرقية)

يفحص الطبيب الغدة للتحقق من زيادة الحجم أو الشكل أو النمو “العُقَيْدات” (Nodules).

يمكن أيضًا استخدام الموجات فوق الصوتية (Ultrasound)، وتستغرق نحو 20 إلى 30 دقيقة.

الفحوص الجسدية

يفحص الطبيب الرقبة بحثًا عن أي نمو أو تضخم في الغدة الدرقية عبر الفحص الجسدي البسيط غير المؤلم.

 

هل توجد علاقة بين فرط نشاط الغدة الدرقية وزيادة الوزن؟

ربما ارتبط فقدان الوزن بزيادة نشاط الغدة الدرقية، لكن يمكن أن يؤدي العلاج الناجح إلى زيادة الوزن.

إذ أشارت إحدى الدراسات إلى شعور بعض المرضى بزيادة طفيفة في صورة استعادة الوزن السابق قبل المرض، بينما يعزي آخرون الزيادة الكبيرة إلى العلاج.

مما ربط بين علاج زيادة نشاط الغدة الدرقية والمخاطر الكبيرة للإصابة بالسمنة.

 

مَن الأكثر عرضة للإصابة بأمراض الغدة الدرقية؟

ربما تزيد احتمالية الإصابة بأمراض الغدة الدرقية في الحالات الآتية:

  • تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الغدة الدرقية.
  • تناول دواء يحتوي على نسبة عالية من اليود، مثل: الأميودارون (Amiodarone).
  • الأشخاص فوق 60 عامًا، لا سيّما النساء.
  • المعاناة سابقًا بأمراض الغدة الدرقية وتلقي العلاج، أو أمراض السرطان (استئصال الغدة الدرقية أو العلاج الإشعاعي).
  • بعض الحالات الطبية وتشمل ما يلي:
  • فقر الدم الخبيث.
  • داء السكري من النوع الأول.
  • قصور الغدة الكظرية الأولي.
  • الذئبة.
  • التهاب المفاصل الروماتويدي.
  • متلازمة شوغرن.
  • متلازمة تيرنر.

 

هل يمكن الوقاية من اضطرابات الغدة الدرقية؟

لا يمكن منع قصور نشاط هرمونات الغدة الدرقية أو فرطها في معظم الحالات، لا سيّما في البلدان النامية.

لكن يبدأ مثلًا فرط النشاط أحيانًا نتيجة تناول تركيزات عالية من الهرمون مثلما ذكرنا سابقًا.

ربما أيضًا عند تناول كثير من الأطعمة التي تحتوي على اليود، مثل: ملح الطعام والأسماك البحرية.

مع ذلك، يمكن منع المضاعفات من خلال التشخيص الفوري واتباع العلاج الذي يصفه الطبيب.

 

في ختام القول -عزيزي القارئ- أود أن أسدي إليك نصحًا بألا تتردد في التوجه لطلب العناية الطبية فورًا حال شعرت بأي من الأعراض السالف ذكرها، للكشف عن أية اضطراب في هرمونات الغدة الدرقية؛ فلا تطيب الحياة إلا بدوام العافية.

دمتم معافين!

 

اقرأ أيضًا

تحليل وظائف الكبد | دلالته وكيفية إجرائه

أشهر أعراض الامراض الروماتيزمية | الأسباب والعلاج

بواسطة
د. بسمة عبد المنعم
المصدر
msdmanualsmayoclinicncbiclevelandclinicmedlinepluswebmdniddk.nih

د. بسمة عبد المنعم

صيدلانية لطالما أحببت القراءة والاطلاع، وشغفت بتعلم العلوم الطبية، ومع كوني أم لطفلين رائعين ازداد شغفي لتقديم المعلومات الطبية الدقيقة والشاملة بصورةٍ بسيطة، لتنير درب أبنائي ودرب كل أم وقارئ بمحتوى طبيٍ وافٍ يثري اللغة العربية، ويحمل المعلومة الطبية الموثوقة أيضًا. هذا ما دفعني لأطرق أبوابًا جديدة للعلم فدرست مهارات الذكاء الاجتماعي، وتنظيم الوقت، والتسويق الرقمي، والترجمة الطبية، والتدقيق اللغوي، وكللت ذلك بدراسة كتابة المحتوى الطبي الموافق معايير السيو كذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى