الطب النفسي
أخر الأخبار

متلازمة ستوكهولم | عندما يصبح الذئب غزالًا في عين ضحيته

متلازمة ستوكهولم

هل تعلم أن ربانزل (شخصية كارتونية) ربما تعاني متلازمة ستوكهولم؟

شاهد معظمنا هذا الفيلم بمفرده أو مع أطفاله، وحتمًا لم نعرف ما هي متلازمة ستوكهولم؟ وما علاقتها بالفيلم؟

لكن ظهرت تلك المتلازمة في علاقة ربانزل بأمها.

هيا معي آخذكم في رحلة شيقة صغيرة للتعرف إليها، وكيفية التعامل مع ضحاياها ومعالجتهم للتخلص منها.

 

ما هي متلازمة ستوكهولم (Stockholm Syndrome)؟

هي رد فعل نفسي واستجابة نفسية تحدث عندما تتعاطف الضحية مع المسيء لها، أو المخطوف مع الخاطف.

إذ تتكون مشاعر إيجابية نحو الخاطف، فيشعر المخطوف بالحب، والعطف، أو الشفقة أحيانًا تجاه الخاطف، والرغبة في مساعدته.

 

متلازمة ستوكهولم في علم النفس

ظهر هذا المصطلح على لسان عالِم الجريمة والطبيب النفسي نيلز بيجيروت (Nils Bejerot) لشرح آثار عملية سرقة وسطو مسلح لأحد البنوك في مدينة ستوكهولم في السويد عام 1973.

إذ حاول اللص جان أولسون في الثالث والعشرين من أغسطس عام 1973 سرقة بنك نورمالمستروج، وأخذ أربعة من موظفي البنك رهائن.

انضم كلارك أولوفسون (زميل الزنزانة السابق لأولسون) لمشاركته السرقة، وحدثت مواجهة مع الشرطة واستمر الوضع ستة أيام.

في أثناء الأيام الست؛ تكونت روابط عاطفية إيجابية بين الرهائن والخاطفين بعد الإفراج عنهم.

وأفاد الرهائن بأن الخاطفين تعاملوا معهم بلطف ولم يؤذوهم جسديًا، بل رفضوا الشهادة ضدهم كذلك.

 

أسباب متلازمة ستوكهولم

لا يعلم الباحثون والأطباء النفسيون أسباب المتلازمة، لكن يظن الخبراء إنها تنشأ نتيجة الأسباب الآتية:

  • المعاملة الجيدة من قِبل الخاطف للمخطوف.
  • التعامل وجهًا لوجه بين الخاطف والمخطوف مدة طويلة، مما يتيح فرصة تكون علاقة وترابط بينهم.
  • شعور المخطوفين بعدم قدرة الشرطة ومطبقي القانون على أداء وظائفهم جيدًا.
  • يظن المخطوف أن إنقاذه من قِبل الشرطة والمسؤولين لا يحمل أي اهتمام.
  • الخوف من غضب الخاطف وتقلب مزاجه.

 

أعراض متلازمة ستوكهولم

تظهر بعض الأعراض على الضحايا المتمثلة في المشاعر الآتية:

  • الشفقة نحو الخاطفين.
  • الاكتئاب والقلق بعد الخطف.
  • رفض مساعدة الشرطة والمسئولين على إيداع الخاطفين في السجن.
  • البقاء مع الخاطفين حتى لو أُتيحت لهم فرصة الهرب.
  • كراهية الشرطة والإحساس بظلمهم للخاطفين.
  • مشاركة الخاطفين أهدافهم ونشأة المشاعر الإيجابية نحوهم.

تتشابه أحيانًا بعض أعراض المتلازمة مع أعراض متلازمة ما بعد الصدمة، مثل:

  • قلة الثقة بالآخرين.
  • ظهور الكوابيس.
  • الأرق.
  • الخوف بسهولة وطوال الوقت.
  • صعوبة التركيز.

 

متلازمة ستوكهولم في الحياة الواقعية

متلازمة ستوكهولم في الحياة الواقعية

يمكنك أن تظن أن المتلازمة توجد في حالات الخطف فقط، لكن دعني أعرفك بعض الحالات التي تظهر فيها المتلازمة في حياتنا الواقعية.

العنف ضد الطفل

يظن الطفل أن وجود مشاعر الحب والعطف من قِبل والديه والمعلمين والمدربين يعطيهم الأحقية في ضربه والإساءة إليه طوال الوقت.

بل يجعله يظن أن المشكلة فيه وفي تربيته وأنه أساء إليهم.

لذلك لا يعلم الكثيرون بتلك الإساءة والعنف إلا بعد مدة طويلة، وأحيانًا ينشأ الطفل ويكبر وداخله مليء بالمشاعر السلبية وعدم الثقة بالنفس بسبب استمرار العنف طوال طفولته.

أشارت إحدى الدراسات عام 2020 إلى أن بعض ضحايا العنف المنزلي يعانون متلازمة ستوكهولم.

تجارة الجنس

تعتمد النساء المجبرات على ممارسة الجنس تجاريًا على المسؤول عنهن، ويتكون لديهن شعورًا بالدونية وعدم الثقة بأنفسهن.

كذلك تدفعهم الحاجة الدائمة إلى توفير مصادر الحياة الأساسية من طعام وشراب وملابس، إلى الاستمرار في القرب من هذا الشخص.

 

مدى انتشار متلازمة ستوكهولم

لا تظهر المتلازمة إلا في أقل من 8% من حالات الخطف.

يعد هذا أحد الأسباب الرئيسية لعدم توافر معلومات كافية عن المتلازمة وخطة ملائمة للعلاج.

 

نقيض متلازمة ستوكهولم (متلازمة ليما)

تعد متلازمة ليما (Lima Syndrome) النقيض التام لها، إذ تنشأ مشاعر إيجابية من قِبل الخاطف تجاه المخطوف وليس العكس.

 

ضحايا عانوا متلازمة ستوكهولم

لم تكن حادثة ستوكهولم الحادثة الوحيدة التي ظهرت فيها تلك المتلازمة، بل تواجدت في حوادث أخرى، من ضمن تلك الحوادث:

حادثة ماري إيكلوري (1933)

خُطفت من قِبل أربعة رجال، وأطلقوا سراحها بعد دفع الفدية.

على الرغم من اقتناع ماري من وجوب معاقبتهم، لكنها تعاطفت معهم وزارتهم في السجن عدة مرات.

حادثة باتي هيرست (1974)

اختطفت حفيدة رجل الأعمال ويليام هيرست من قِبل جيش التحرير السيمبيوني.

لكن باتي تخلت عن عائلتها في أثناء أسرها، وتبنت اسمًا جديدًا وانضمت إلى جيش تحرير السودان في سرقة البنوك.

قُبض على هيرست لاحقًا، واتخذت متلازمة ستوكهولم حجةً للدفاع عن نفسها؛ لكن لم ينجح ذلك وحُكم عليها بالسجن 35 عامًا.

حادثة ناتاشا كامبوش (1998)

خطف رجل يدعى “وولف جانج” ناتاشا مدة 8 سنوات، وضربها وهددها، لكنه كذلك كان يهتم بنظافتها ويعطيها الهدايا ويطعمها ويحنو عليها.

إلا إنها بكت كثيرًا عليه بعد علمها بانتحاره وموته.

حاولت ناتاشا شرح قوة علاقتها بخاطفها، لكن الصحافة أرجحت أنها تعاني المتلازمة.

لكن ناتاشا قالت في أحد الحوارات التي أُجريت معها، أن التعود على الخاطف شيء طبيعي، خاصةً لو قضيت معه مدة كافية من الوقت.

 

علاج متلازمة ستوكهولم

لا يوجد علاج محدد للمتلازمة بسبب عدم وضوح كيفية حدوثها بالضبط ولا يوجد تشخيص واضح وصريح لها.

لكن العلاج النفسي والأدوية يمكنها المساعدة على تخفيف أعراض القلق والحزن بعد الخطف.

 

كيف يمكن مساعدة من لديهم متلازمة ستوكهولم؟

يمكن مساعدة الشخص حتى يتخلص منها وتجاوزها من خلال الخطوات الآتية:

التثقيف النفسي

تعلم وفهم علم النفس يساعد على التعرف إلى متلازمة ستوكهولم ومساعدة الضحايا على تحديد ما يحدث داخلهم.

تجنب الاستقطاب

لا يجب الإساءة مطلقًا للجاني وتوضيح عيوبه وصفاته السيئة للضحية؛ إذ يمكن أن يتسبب ذلك في استقطاب الضحية والبدء في الدفاع عن الجاني.

استخدام الطريقة السقراطية

طرح الأسئلة على الضحية وسؤالها عن رؤيتها للموقف وكيف تشعر.

البعد عن إعطاء النصائح

إعطاء النصائح تحت منطلق أن الشخص يعرف أكثر من الضحية يؤثر سلبيًا، فيفضل التعامل مع الموقف دون حكم مسبق أو إرشاد الضحية إلى الصواب.

طريق العلاج يحتاج إلى وقت

كذلك يجب منح الضحية وقتها الكامل لفهم الموقف واستيعابه.

معالجة التنافر المعرفي

ترابط الضحايا بالجاني يؤدي أحيانًا إلى تضرر حدس الضحايا وخلطهم بين الصواب والخطأ، لذلك يجب مساعدتهم وإرشادهم للصواب بهدوء ومساعدتهم على استعادة ثقتهم بأنفسهم.

تحديد هدف العلاقة أو السبب الحقيقي وراءها

تحديد السبب الرئيسي وراء تلك المشاعر أو الترابط يساعد الضحية على التخلص من المتلازمة وبدء خطوات إيجابية وثابتة نحو التغيير.

 

ختامًا، تعد متلازمة ستوكهولم حالة نفسية غريبة، وواحدةً من المتلازمات النفسية التي تثبت مدى تعقيد المخ والنفس البشرية، وأننا مهما وصلنا إلى تقدم وتطور سنجد أشياءً لا نعلم أسبابها بصورة واضحة.

 

اقرأ أيضًا

الإسقاط النفسي | احذر عينيك لا ترى الحقيقة

الخرف الكاذب | تعرف إلى أسبابه وأعراضه وعلاجه

بواسطة
د/منة طه
المصدر
medicalnewstodaywebmdverywellmindhealthlinegoodtherapy

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى