هل سمعت بمصطلح الصمود النفسي من قبل؟
من منا لم ترهقه الحياة بصدماتها، مثل: فقدان عزيز، أو الإصابة بالأمراض، أو التعرض لضغوط مالية، أو توتر العلاقات ولم يحلم بعصًا سحرية تهون عليه رحلة الحياة؟!
كن معي -عزيزي القارئ- في هذا المقال، لأنير لك خارطة الطريق التي ستساعدك على العبور بسلام من المحن، دون الوقوع في اضطرابات نفسية وجسدية، وأحدثك عن الصمود.
أولًا ما هو الصمود النفسي؟
إنه المرونة النفسية والمناعة التي تُكسبك القدرة على التكيف الإيجابي مع ضغوطات الحياة، ومواجهتها والتعافي منها.
كذلك هو القدرة على استكمال الحياة على الرغم من التعرض للشدائد والانتكاسات بين الحين والآخر.
يعني أيضًا تعاملك الصحي مع الشدائد، والشفاء السريع نسبيًا بعد التعرض للاضطرابات، ومواصلة أعمالك.
هل للصمود النفسي علاقة بصحتك العقلية والبدنية؟
بالطبع نعم، ولأن الصمود هو الآلية الدفاعية التي تُمكنك من مواجهة الشدائد مواجهة صحية، فإن الحفاظ على صحتك العقلية وعدم إصابتك بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب من نتائج التحلي بالصمود.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن حمايتك من الاضطرابات النفسية يقلل -بدوره- احتمالية الإصابة بالأمراض الجسدية.
مفاتيح بناء صمودك النفسي
الخبر السار -عزيزي القارئ- هو أنه يمكنك اكتساب وتطوير ما ينطوي عليه الصمود من أفكار وسلوكيات، حتى لو لم تكن تتمتع به.
دعنا نرى كيف ذلك:
- استرخِ: تعلّم كيف تسترخي لتشحذ قوتك العقلية والجسدية لمواجهة التحديات بفاعلية.
يمكنك فعل ذلك بالالتزام بروتين جيد للنوم وممارسة تمارين رياضية جديدة أو التنفس بعمق وممارسة التأمل.
- سيطر على أفكارك: مارس التفكير الإيجابي ولا تدع الأفكار السلبية تعرقل جهودك.
- تعلم من أخطائك: تأكد من استيعاب الدروس من كل إخفاقاتك، لكي تُجري تغييرات إيجابية في حياتك.
- انتقِ ردود أفعالك: اعلم أن لديك الخيار في كيفية استجابتك للأمور، فإما الرد بهلع وسلبية، أو التزام الهدوء والعقلانية لإيجاد الحلول.
- تجنب تضخيم الأمور: قد تبدو الأزمة ساحقة في لحظتها، لكن على المدى البعيد ليست ذا تأثير كبير.
- حدد أهدافك: ستساعدك أهدافك المتوافقة مع قيمك على التعلم من تجاربك.
- عزز ثقتك بنفسك: تذكر أن الأشخاص الذين يتمتعون بالصمود دائمًا ما يثقون في نجاحهم بالنهاية على الرغم مما يواجهونه من عقبات وضغوط.
- ابنِ علاقات اجتماعية قوية: فكلما زادت علاقاتك، زاد دعمك ومقاومتك للتوتر والقلق، وذلك باختيار الأصدقاء الذين يدعمونك وقت المرور بتجارب جديدة.
- كن مرنًا: إذا كنت تتحلى بالمرونة، ستدرك أن الخطط الموضوعة بعناية قد تحتاج لتعديل وربما الإلغاء في بعض الأحيان.
- عزز الجانب الروحي: لتحظى بمرونة عاطفية تُكسبك الصمود في مواجهة الحياة، عزز روحانياتك وممارسة الشعائر الدينية، إذ تساعدك في التعامل مع مشاعرك السلبية والتخلص منها.
سمات التحلي بالصمود النفسي
تختلف مهارات التأقلم مع الأزمات بين الأشخاص؛ لكن حدد الباحثون السمات الرئيسية لمن يتصف بالصمود، وإليك بعضها:
التحكم في زمام الأمور
هل ترى أنك من يتحكم في حياتك؟ أم تلوم الظروف والأشخاص الآخرين؟
يمتلك الأشخاص المرنون عادةً ما يسميه علماء النفس بمركز التحكم الداخلي، ويؤمنون بأن أفعالهم هي المؤثرة في الظروف الخارجية.
بالطبع توجد بعض العوامل الخارجة عن سيطرتنا مثل الكوارث الطبيعية، لكن بدلًا من لوم الأسباب الخارجية والشعور بكوننا الضحية، يجب علينا الشعور بقوة انتقاء قراراتنا التي ستؤثر في حياتنا ومستقبلنا.
مهارات حل المشكلات
تكمن أهمية هذه المهارات في تركيز الأشخاص المرنين على إيجاد الحلول وقت الأزمات.
بينما يُصاب الأشخاص الأقل مرونة بضيق الأفق، والفشل في التركيز على التفاصيل المهمة والاستفادة من الفرص.
العلاقات الاجتماعية القوية
من المهم وجود من يدعمك حين تواجه المشكلات، إذ يمنحك التعبير عن مشاعرك والحديث عن التحديات التي تواجهها وجهات نظر وحلول جديدة لها.
كذلك يتمتع الأشخاص المرنون بشبكة من الأصدقاء وأفراد الأسرة وزملاء العمل الذين يلجأون إليهم وقت مواجهة المشكلات.
التنظيم الانفعالي
يمتلك هؤلاء الأشخاص القدرة على فهم سبب استجابتهم العاطفية وتنظيمها بفاعلية، الأمر الذي يساعدهم على التعامل الجيد مع المشاعر والتكيف مع المواقف.
كذلك اكتشاف الطريقة المثالية لحل المشكلات مهما كانت صعوبتها.
الرأفة بالذات
يتعاطف الأشخاص المرنون مع أنفسهم، ويتفهمون حاجتهم للراحة ويتقبلون مشاعرهم، إذ يساعد ذلك على تعزيز صحتهم وصمودهم النفسي لمواجهة التحديات.
دور الصمود في تخطي جائحة كورونا
فرضت علينا الجائحة ضغوطًا غير متوقعة، مثل: العمل عن بعد وسط صراخ الأطفال أو فقدان الوظيفة، وهنا يأتي دور الصمود النفسي في تجاوز هذه الصعاب واستعادة توازن الحياة.
كذلك يمكن الاستعانة بالدعم العائلي والاجتماعي، إذ أظهرت الدراسات أنه بمثابة حاجز قوي لحماية صحتك النفسية.
يجب أيضًا تحفيز الصمود لدى الفرق الطبية، للحد من المشكلات النفسية الناجمة عن تعرضهم للإرهاق والاستنزاف النفسي في مواجهة الموت.
الصمود النفسي عند الاطفال
يفتقر الأطفال -الذين تعرضوا لسوء معاملة الأبوين، أو للفقر، أو للتنمر، إلى المهارات الاجتماعية والصحة العقلية.
كذلك يشير الباحثون لأهمية تلقيهم برامجًا تعليمية تعزز كفاءتهم الاجتماعية وتبني صمودهم النفسي.
يتفق الباحثون أيضًا على الدور الفعال لكل من العائلة والأصدقاء والمجتمع في تعزيز قدرة الطفل على الصمود والتغلب على صدمات الطفولة، وغالبًا ما تكون التربية الإيجابية هي الأكثر أهمية.
الآن كيف تبني الصمود النفسي لدى أطفالك؟
لتقر عينك بشجاعة طفلك وفضوله، عليك بتنمية قدرته على التكيف والمواجهة، وبناء إيمانه بنفسه، كما سنرى.
شجع بناء العلاقات الداعمة له
يساعد حصول طفلك على الدعم من شخص راشد -سواء كان أحد الوالدين أو الأجداد أو المدرسين- في شعوره بقدرته على التغلب على المحن.
كذلك يساعده في بناء مهاراته مثل التركيز وحل المشكلات وضبط النفس ويمنحه مزيد من الثقة، حينها يمكنك إزالة الدعم تدريجيًا.
اسمح له باتخاذ القرارات
دع طفلك يرى نتيجة قراراته كي يتعلم منها، ولا يشك في قدرته على اتخاذها.
على سبيل المثال، إذا أصرت ابنتك على ارتداء أحذية رسمية أثناء ممارسة الرياضة، دعها تفعل ذلك.
ستكتشف بالوقت أنها تسبب تقرحات مما يُكسبها حكمة وثقة في اختيار القرارات بعد ذلك وقدرة على التعافي من النكسات.
علمه أن الفشل جزء من الحياة
شجعه على المحاولة مرة أخرى كي يعلم أن الفشل فرصة لتعلم أشياء جديدة بدلًا من الانسحاب، وامدحه على عمله الجاد.
في الختام، فإن تعلمك الصمود في مواجهة الصعوبات يحسن فرصك في الشعور بالسعادة، واعلم أنك من تتحكم في اتجاه حياتك وليست قوة خارجية!
كذلك تخيل كيف سيكون عالمنا دون مصباح إذا استسلم أديسون لإخفاقاته الأولى ولم يتغلب عليها بتسلُحه بالصمود النفسي.