الطب النفسي

اضطراب ما بعد الصدمة | أنواعه وكيفية التعامل معه

اضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة أو ما يُعرف بـ “Post-traumatic Stress Disorder” حالة نفسية تحتاج إلى العلاج.

تصيب الإنسان في مختلف الأعمار؛ نتيجة تعرضه لحادث أليم أو أمر مفزع.

كانت تجربتي مع هذا الاضطراب قريبة جدًا؛ إذ أصاب رفيقتي بعد فقدانها لوليدها في حادث مروري.

لذلك لجأت إلى طبيب نفسي متخصص شخص حالتها النفسية وقدم لها المساعدة من خلال خطة علاجية مدروسة.

تابع معي هذا المقال، لتتعرف إلى كل ما يتعلق باضطراب ما بعد الصدمة وعلاجه.

 

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟

يسمى اضطراب ما بعد الصدمة أيضًا بالكرب، وأبرز ما يميز هذا الاضطراب؛ تكرار ذكريات اقتحامية أليمة تتركز معظمها حول الحدث المؤلم المتسبب في الإصابة بهذا الاضطراب.

يمكن أن يتضمن هذا الحدث تهديدًا سواء بالقتل أو الإصابة أو حتى كوارث طبيعية أو حروب أو اعتداءات جنسية أو جسدية.

لذلك يعاني هؤلاء الأشخاص الخطر الدائم والتوتر حتى في الحالات الآمنة.

 

أسباب اضطراب ما بعد الصدمة

لم يتوصل العلماء بعد إلى السبب المحدد لاضطراب ما بعد الصدمة أو سبب إصابة بعض الأشخاص بهذا الاضطراب أو عدم إصابة بعضهم.

لكن قد تؤثر بعض العوامل الوراثية وعوامل الخطر عند بعض الأشخاص والعوامل الشخصية أو البيولوجيا العصبية في نسبة الإصابة بهذا الاضطراب.

كذلك يمكن أن يصيب اضطراب ما بعد الصدمة أي عمر، وتظهر أعراضه بسبب تغيرات كيميائية في الدماغ نتيجة التعرض لحدث مؤلم.

يصاب الرجال أحيانًا بهذا الاضطراب، نظرًا لما يواجهونه من صدمات في الحروب أو الحوادث.

لكنه لا يقتصر على الرجال فقط، إذ يوجد كذلك اضطراب ما بعد الصدمة عند النساء، والأطفال وكبار السن.

 

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة

قد تسهم أعراض هذا الاضطراب في تثبيط النشاط والقدرة على العمل.

غالبًا ما تظهر الأعراض أوضح في حال التعرض لبعض الأصوات أو المواقف التي تذكرك بالصدمة الكبرى والمتسببة في الإصابة بالاضطراب.

تندرج أعراضه تحت أربع فئات رئيسة، ونذكرها فيما يلي:

تكرار التجربة أو الواقعة

يعاني الشخص المصاب انعدام الراحة النفسية والجسدية؛ بسبب كثرة استرجاع الحدث وإعادته مرارًا من خلال ذكريات في الماضي أو ذكريات حية تشير إلى الحدث أو حتى خلال نومه في صورة كوابيس مزعجة. 

البعد والتجنب

يلجأ بعض المصابين إلى تجنب الأماكن والمواقف التي تذكرهم بالحدث، مما يؤدي إلى اللامبالاة العاطفية والانعزال عن الناس وعدم الاهتمام بالأعمال اليومية.

الإثارة والانفعال

يظهر انفعال المصابين وإثارتهم في ردود الفعل المبالغ فيها تجاه الأحداث المروعة.

كذلك يتجلى في الحذر الدائم المصحوب بالتوتر والقلق، بالإضافة إلى نوبات الغضب المتكرر أو عدم القدرة على النوم أو الاستغراق فيه. 

بعض الأعراض الأخرى

هناك بعض الأعراض الفردية المحتملة التي يعانيها بعض المصابين، ومنها الاكتئاب ونوبات الهلع.

يمكن أن تؤدي تلك الأعراض إلى زيادة ضربات القلب والشعور بالدوخة أو الصداع أيضًا.

 

اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

قد تصاب الأطفال باضطراب ما بعد الصدمة بسبب تاريخ عائلي من المرض النفسي؛ خاصةً الاكتئاب والقلق أو بعد عدة أسابيع من مرور الطفل بحدث مؤلم لا يستطيع التعامل معه، مثل:

  1. التعرض لحادث خطير أو فقدان شخص عزيز.
  2. التعرض للعنف سواء الضرب أو التحرش الجنسي.
  3. وقوع أحد الكوارث الطبيعية، مثل: الزلازل والبراكين.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

تختلف الأعراض عند الأطفال دون عمر الست سنوات عن الأعراض الواضحة على من تجاوزوا هذا السن.

أعراض الاضطراب لدى الأطفال دون عمر الست سنوات

تظهر الأعراض في هذا العمر بصور عديدة، ومنها:

  • التبول اللإرادي ليلًا.
  • التعلق بشخص كبير لدرجة غير طبيعية وتكاد تصل إلى التعلق المرضي والفزع حين مغادرة هذا الشخص.
  • تمثيل أحد المواقف المرعبة والمتسببة في الاضطراب خلال اللعب مع الأطفال.
  • عدم القدرة على المشي.

أعراض الاضطراب عند الأطفال فوق عمر الست سنوات

تظهر عدة أعراض عند الأطفال الذين تجاوز عمرهم السادسة، ومنها:

  • عدم احترام الأشخاص الأكبر سنًا.
  • الإحساس بالذنب بسبب وقوع الحدث المؤلم والرغبة العارمة في الانتقام.
  • فقدان التركيز والقدرة على التفكير الصحيح.
  • الخوف من النوم بسبب كثرة الأحلام المزعجة أو الكوابيس.

 

اضطراب ما بعد الصدمة العاطفية

غالبًا ما تكون الإصابة بالاضطراب عقب الصدمة العاطفية نتيجة التعرض لصدمة مشاعر قوية، مثل:

  •  فقدان شخص عزيز سواء بالموت أو الفراق.
  • وقوع حادث أليم.
  • تغيرات جذرية في الحياة، مثل: خسارة وظيفة أو منصب هام.

لذلك تتركز معظم أعراضه حول ما يأتي:

  1. فقدان التركيز وعدم القدرة على التفكير بصورة صحيحة.
  2. شعور بالخوف الشديد وأحيانًا قد يصل بالإنسان إلى مرحلة الهلع؛ بسبب عجزه عن السيطرة على خوفه.
  3. الشعور بالأرق وعدم القدرة على النوم.
  4. تصرف الإنسان بطريقة تخالف طبيعته؛ فمن الممكن أن يلجأ إلى العزلة رغم كونه اجتماعيًّا في حالته الطبيعية.
  5. سيطرة الأفكار والمشاعر السلبية على المصاب فتجعله مستاءً دائمًا ويشعر بالحزن والرغبة أحيانًا في البكاء.

 

تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة

لم يحدد اختبار اضطراب ما بعد الصدمة بصورة واضحة سواءً في الأطفال أو حتى البالغين.

ذلك لأنه لا يفضل المصابون بهذا الاضطراب مناقشة الحدث المؤلم أو الصدمة.

لكن يمكن لاختصاصي الصحة النفسية تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة من خلال الآتي:

  1. فحص سريري؛ إذ يفحص الطبيب المريض جسديًا للتأكد من غياب أي علامات تشير إلى الإصابة بمرض آخر.
  2. التقييم النفسي عبر مناقشة الأعراض والمشاعر التي يعانيها المريض.
  3. يتطلب تأكيد التشخيص أيضًا وجود إحدى الظواهر الآتية مدة شهر أو أكثر، ومنها:
  • تجربة واحدة -على الأقل- من إعادة الحدث.
  • وضوح أحد أعراض التجنب.
  • وجود اثنين أو أكثر من مسببات الإثارة والانفعال.

 

كيفية التعامل مع مريض اضطراب ما بعد الصدمة

تتمحور معاملتك الصحيحة والفعالة مع مريض اضطراب ما بعد الصدمة حول نقطتين، هما:

أولًا مساعدته وتوجيهه للعلاج

إذا شُخص المريض بهذا الاضطراب؛ فمن المتوقع أن يتبع الطبيب عدة طرق للعلاج الصحيح، ومنها:

العلاج السلوكي المعرفي

يساعد هذا الأسلوب المريض على تقبل الحدث الصادم والتعاطي معه، من خلال الحديث عنه وحرية التعبير عن مشاعره تجاه الموقف.

مجموعات الدعم

يجتمع المريض مع مجموعة من المصابين بنفس الاضطراب؛ مما يساعده على إدراك ذاته ومشكلاته ومعالجة إحساسه بالوحدة.

الأدوية

يلجأ الطبيب إلى وصف بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، ومضادات القلق، لمساعدة المريض على النوم ومواجهة الأفكار السيئة.

ثانيًا مساعدته على فهم المرض

بسبب عدم فهم المريض طبيعة مرضه ومضاعفاته وأعراضه، قد يلجأ للكحوليات والمخدرات للتأقلم مع الأعراض.

يمكن لهذه الطريقة معالجة الأعراض مؤقتًا، لكنها لا تعالج السبب الأساسي الكامن وراء الاضطراب بالإضافة إلى احتمالية تدهور الحالة وتفاقم الأعراض.

لذلك يجب على المريض استشارة الطبيب النفسي واتباع نصائحه في حال وجد نفسه يتجه للمخدرات للتخلص من الأعراض.

إليك بعض الخطوات للتعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة:

  • التعرف إلى المرض وكثرة القراءة عنه.
  • طلب المساعدة.
  • العلاج النفسي.
  • اتباع أسلوب حياة هادئ خالٍ من التوتر قدر الإمكان.
  • الحرص على تناول طعام صحي متوازن.
  • ممارسة الرياضة.
  • الحصول على الدعم وتقبل المساعدة.

 

ختامًا -عزيزي القارئ- أوصيك بالهدوء وتقبل الحياة قدر استطاعتك، ولا تثقل على نفسك بالتوتر.

كذلك أوصيك بالاهتمام بأحبائك وتقديم يد العون لهم في حال تعرضهم لهذا الاضطراب.

لا تتردد في اللجوء إلى طبيب متخصص عند الشعور بضغطٍ نفسي، فمن منا ضد الصدمات! أو اضطراب ما بعد الصدمة!

دمتم بصحة وسلامة أهل كيان طب ونتمنى لكم حياة خالية من التوتر أو الصدامات.

 

اقرأ أيضًا

اضطراب الشخصية الحدية | هل يمكنني النجاة؟

اضطراب ثنائي القطب | أسبابه وعلاجه

بواسطة
د/سارة غازي
المصدر
psychiatrymayoclinicwebmdmedicalnewstoday

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى